كلمات | شوفو سوريا |
دراسات | رياضة |
فريـش | بزنس |
وجهات نظر | الموقف اليوم |
محليات | احوال البلد |
فن الممكن | عيادة زنوبيا |
افضح الفساد |
ظل العديد من الساسة في الغرب، والمثقفون البارزون يكررون فرضية أن القيم الليبرالية عالمية، وسوف تسود العالم، وأنظمته السياسية، وبنى الغرب، وخاصة الولايات المتحدة خططه العالمية على هذا الأساس ليشكل ذلك جسراً لها، ولحلفائها في تركيب النظم السياسية، والحكام بما يتفق مع مصالح الشركات، واللوبيات، وصُناع القرار فيما يسمي نفسه (بالعالم الحر)!!! لقد شكلت هذه الرؤية أساساً لانطلاق المحافظين الجدد في أميركا حاملين هذه الراية، مصممين على أن استخدام القوة العسكرية من قبل الإدارتين الجمهورية (جورج بوش الابن) والديمقراطية (أوباما) في العديد من الدول ستؤدي إلى تطبيق مبادئ الديمقراطية الليبرالية، وتعميمها، وهو ما سوف يحقق مصالح واشنطن، وحلفائها مع دول أكثر انسجاماً وتناغماً مع سياساتها، وأنه من مصلحة واشنطن الاستراتيجية تنفيذ ذلك، وعليها قيادة هذا الأمر. لكن تجربتي (العراق وأفغانستان) كما يجمع السياسيون والمفكرون في واشنطن، والتي أطلقها (جورج بوش الابن) لإعادة تشكيل الشرق الأوسط كجزء من حملته العالمية التي أرادت استكمال ما حدث في أوروبا الشرقية بعد سقوط جدار برلين عام 1989 قد فشلت فشلاً ذريعاّ، لا بل أدت إلى ظهور القوى السياسية المناهضة للغرب في أكثر من دولة في الشرق الأوسط. أما ما قام به الغرب بدءاً من عام 2011 بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لإعادة إنتاج الخرائط الجديدة، وتقسيم المنطقة تحت يافطة سوداء أسماها (الربيع العربي) فلم يظهر من صناديق اقتراعها إلا حركات الاخوان المسلمين، وتنظيمات القاعدة، وداعش التي لا تؤمن أساساً بالقيم الليبرالية التي يدعي الغرب أنه آتٍ لنشرها أو أنه يدعم القوى التي تشكل حاملاً لها، إذ كيف تستوي إدعاءات الغرب بنشر الديمقراطية، وقيمها مع تقديم الدعم المادي والإعلامي، والسياسي، والعسكري، والاستخباراتي لمجموعات مسلحة قاتلة، مجرمة لا تؤمن إلا بصناديق الذخيرة، وليس الاقتراع، وبفتوى الخليفة- وليس البرلمان، وبمن ليس معي فهو ضدي ويجب قتله، وبالمرأة متعة لجهاد النكاح- وليس قوة تشكل نصف المجتمع، وبالمرتزقة وليس بأبناء الوطن، وبالإجراء وليس بالأصلاء، وبوجوهٍ منافقة وليست صادقة مؤمنة. إن الأحداث الكارثية التي شهدتها منطقتنا العربية بدءاً من شمال أفريقيا باتجاه المتوسط أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن ما يدعى بـ(مبادئ الديمقراطية الليبرالية) ليست عالمية كما يقول (ليون هادار) في الناشيونال انترست- في 19/2/2013، وهي تحتاج إلى شروط تاريخية، وثقافية فريدة من نوعها، وأنه لا يمكن الضغط على المجتمعات الوطنية الأخرى التي ليست جاهزة، وربما ليست مهتمة في اعتمادها، ليضيف أنه بدلاً من تبني مهمة عقيمة، وغير مثمرة لجعل العالم مكاناً آمناً للديمقراطية، ينبغي على الشعب الأميركي وزعمائه أن يساهموا في مشروع التنوير من خلال تطبيق مبادئه، وإتقانها في الداخل. وانطلاقاً مما قاله (هادار) فإنه لا بد من أن تتوقف الأبواق التي تُنظر علينا بالديمقراطية، كحجة وأساس لما يُشن على هذه المنطقة وشعوبها من حروب إبادة بسكاكين داعش، والنصرة، وغيرهما والتي أعدها، ودعمها أولئك الذين يدعون نشر قيم الديمقراطية الليبرالية، وتعميمها، ذلك أن ما نفهمه من نظرة الغرب لشعوب هذه المنطقة أن الديمقراطية الجيدة هي التي تفرز طائفية، ومذهبية أكثر، وهي التي تفرز قوى رأسمالية أكثر التصاقاً بمصالح لوبياته وشركاته، وتنتج زعماء سياسيين مطاوعين- وطائعين على نمط (الدكتور عبد الله بن عبد العزيز) في السعودية، أو تميم بن حمد في قطر، أو نماذج النواب في لبنان، والعراق- وغيره من الدول، كما أن الديمقراطية التي تُعجب الغرب هي التي تفرز مفكرين بعيدين عن قضايا شعبهم، وأمتهم، وعن قضايا الفقراء والكادحين، وعن قضايا التنمية الشاملة، والمتوازنة.... أي بمعنى كلما أصبحت أكثر إخلاصاً- وانبطاحاً للغرب ومصالحه- فأنت ديمقراطي أكثر ومهيأ لأخذ جائزة نوبل حتى لو كنت تافهاً... باختصار شديد: الديمقراطية ليست وصفة طبية تؤخذ من عيادات الغرب، ومشافيه كي تعالج مرضى موجودين في أصقاع العالم، فيشفون بعد استكمال كورس العلاج المقترح، بل إنها تحتاج إلى شروط تاريخية، وثقافية، وحياة سياسية، وقبول للآخر، وإلى وعي مجتمعي يمكن أن يتطور بشكل تدريجي. كما أن ما يجب أن نفهمه، وندركه أن أي نظام سياسي لا يحقق مصالح أغلبية فئات الشعب، السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، ويلتزم بالقضايا الوطنية الكبرى ويكون مستقلاً، وسيداً، وحراً فإنه نظام سياسي مرتهن لا فائدة منه حتى لو جاء عبر صندوق الاقتراع، والمثالان (اللبناني- والعراقي) في محيطنا خير دليل على إخفاق الوصفات الطبية الغربية للديمقراطية. أما في سورية فما علينا إلا أن نقرأ الدروس المستخلصة من محيطنا القريب، والبعيد لنعرف أية ديمقراطية علينا تأسيسها ودعم منظومتها، والتي تتناسب مع ظروفنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وإدراك أن صندوق الاقتراع هو وسيلة لغاية- والغاية هي تحقيق مصالح الشعب العربي السوري، وليس مصالح أحزاب أو قوى أو شخصيات موجودة، أو ستظهر مستقبلاً. ببساطة: الديمقراطية ليست وصفة طبية، وإذا كان لا بد من دواء لعلاج أمراضنا فليكن أطباؤنا سوريين وأدويتنا سورية.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © موقع زنوبيا الإخباري
Powered by Ten-neT.biz An Internet Company