خبر عاجل :
  • مجلس الوزراء يقرر اعتماد التوقيت الصيفي على مدار العام وإلغاء التوقيت الشتوي
إعلانك المبوب
  ارض زراعيه 7 دنم للبيع طريق العروس مرديدو منطقه عقاريه الرجم للاستفسار 0999182938     صدور كتاب التحكيم عدالة اتفاقية من تاليف القاضي المستشار امرالله فنصة حبث تضمن هذا الكتاب اراء اعظم فقهاء التحكيم في الوطن العربي     الآن في الأسواق.. صدور العدد الأول من جريدة " كاريكاتور" 10/8/2015 صحيفة شهرية كاريكاتورية ساخرة تصدر عن دار البعث الإشراف والتحرير: رائد خليل 24 صفحة /50 ل.س syriacartoon@yahoo.com     شقة مكسية ديلوكس مساحة 108 متر مربع في اشرفية صحنايا للاجار مفروش فقط بدون اطفال     انتقلت عيادة الدكتور ايمن عيسى اختصاصي امراض وجراحة الاذن والانف والحنجرة وتجميل الانف-تخطيط سمع ومعاوقة سمعية من دمشق الى طرطوس-المشبكة-سوق النسوان هاتف 319270-0933229112  
القائمة البريدية

للإشتراك بنشرتنا الإخبارية

تابعونا على الفيس بوك
تصويت
فيديو زنوبيا
عندما تقول دول «بريكس» لا لأميركا

تكتل اقتصادي وسياسي وعسكري يعيد تكوين النظام العالم الجديد
عندما تقول دول «بريكس» لا لأميركا - فارس سعد

هل العالم على عتبات تحول اقتصادي جديد ومثير تتغير فيه ملامح الهيمنة الغربية التي دامت نحو خمسة قرون ؟

ربما يكون كذلك بالفعل، ولا سيما بعد ظهور مجموعة البريكس التي تضم روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل. الاقتصاد هو الشغل الشاغل لهذا التجمع، وإن غلفته مسحة سياسية، تمثلت في نموذج روسيا التي تعاني من عقوبات اقتصادية غربية.

تطرح دول البريكس علامات استفهام استشرافية مهمة، ولا سيما لجهة البنك الجديد الذي أنشأته دولها وهل سيكون نداً للبنك الدولي، ثم ما الذي ينتظره العالم من دول البريكس؟ ولماذا تغازل هذه الدول قارة أفريقيا على نحو خاص؟ ثم وربما هذا من الأسئلة الحيوية العامة، ما هي الانعكاسات الإيجابية لهذا التجمع الاقتصادي الوليد على الدول النامية حول العالم؟

مجموعة دول البريكس BRICS

تشكّل مجموعة دول «البريكس» الانطلاقة الأولى لتغيير الأنماط القديمة في ممارسة السياسة المالية العالمية. هذه المجموعة المؤلّفة من البرازيل، روسيا، الهند، الصين وأفريقيا الجنوبية هي أسرع دول العالم نمواً حالياً وأقلّها تأثّراً بأزمته، ويعوّل على النموّ في اقتصاديات هذه الدول لخلق الأمل في رفع مستويات النشاط الاقتصادي العالمي بعد الأزمة 10 . إن إنجازات هذه المجموعة تعود بالنفع على نصف سكان العالم، غير أن الإنجاز ذا الأفق العالمي هو قرار إنشاء بنك مشترك للتنمية يعبّئ الموارد المالية بهدف تمويل مشروعات البنى التحتية والتنمية المستدامة في هذه الدول، وكذلك لتقديم التمويل المناسب لغيرها من الدول الناشئة والنامية في العالم. مع العلم أن الاحتياطات النقدية الضخمة للصين والموارد الطبيعية من الغاز والنفط لروسيا هما الركائز الأساسية لإنجاح هذه المجموعة، التي تعتمد على حجم السوق وفرص النمو الاقتصادي الكامن. فالتوافق الروسي – الصيني اقتصادياً، وانفتاحه على دول أخرى، جعل النظام الاقتصادي العالمي الحالي يعيش مرحلة انتقالية، بحيث تعيد دول «البريكس» إرساء قواعد هذا النظام العالمي الجديد بعيداً من إيقاع اللاعبين التقليديين، الذين أرسوا نظاماً عالمياً غير عادل، ولا يسمح بأي دور يمكن أن تضطلع به قوى صاعدة غيرها.

ومجموعة «بريكس» تختلف بشكل كبير عن بقية أشكال التجمعات والتحالفات والمنظمات التي شهدتها الساحة الدولية من قبل، حيث لا يوجد رابط معين مشترك بين الدول الخمس، سواء سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً أو غيره، كما أنه لا يربطها نطاق جغرافي أو إقليمي، بل تأتي من أربع قارات مختلفة، كما أن هناك تبايناً واضحاً في درجات نموها الاقتصادي ومستوياتها الإنتاجية، وحتى المواقف السياسية بينها متباينة بشكل نسبي، فهي مجموعة محايدة تماماً بالنسبة إلى التوازنات السياسية العالمية، لأنها تضم دولاً مختلفة ومتباينة إلى حد كبير في التوجهات السياسية والأنظمة الاقتصادية وتمثل توجهات عالمية مختلفة، كما أن اهتمام المجموعة يتركز في الأساس على النواحي الاقتصادية والمالية العالمية، ولا يتعرض لأية قضايا سياسية إلا إذا كانت مرتبطة بالشأن الاقتصادي العالمي من قبيل مقترحات مثل طرح عملة دولية جديدة أو إصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين.

غير أن هذه الدول الخمس بينها رابط ثقافي مهم، وهو أنها لا تنتمي إلى «دائرة الحضارة الغربية»، بل تشكل مزيجاً متميزاً من حضارات مختلفة، حيث قمة الحضارة الشرقية العريقة: الهندوسية في الهند والبوذية في الصين، والحضارة السلافية الأرثوذكسية المتميزة عن الشرق والغرب معاً في روسيا، والحضارة الغربية اللاتينية في البرازيل التي يتميز شعبها بثقافة وفنون متميزة كثيراً حتى عن الدول المحيطة بها، والحضارة الأفريقية في جنوب أفريقيا. لكن المؤكد أن الرابط السياسي الذي يربط هذه الدول الخمس، والذي على أساسه نشأت هذه المجموعة، هو رفض الهيمنة الغربية على الاقتصاد والسياسة العالمية، هذه الهيمنة التي تسببت في إغراق الإقتصاد العالمي في أزمات يعاني الكثير من أجل الخروج منها.

ووفقاً لما ذكر صندوق النقد الدولي، فإن التقديرات تشير إلى أن المجموعة الخماسية التعاونية، والتي تشكل قرابة ثلث سكان العالم وتمثل ما يزيد على ربع مساحة المعمورة، حققت ناتجاً محلياً إجمالياً اسمياً مجمعاً يقدر بحوالى 13،6 تريليون دولار أميركي عام 2011، وهو ما يقدر بـ19،5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العالم، وقد نمت التجارة في ما بين دول البريكس بمتوسط سنوي نسبته 28 في المئة من 2001 إلى 2010 ووصلت إلى 239 مليار دولار في 2010، لتمثل نسبة أكبر بكثير من التجارة الدولية .

وستتجاوز البريكس الدول الغربية الأكثر تقدماً، وفي الوقت ذاته، تصبح البريكس أكثر جذباً لرأس المال الدولي غير المستخدم، وهو ما يبرهن على قدرتها التنافسية المتصاعدة.

وقال يوري موسيكين، نائب عميد معهد الاقتصاد والأعمال العالمية في موسكو إن «البريكس تجذب رؤوس الأموال «الساخنة» من المناطق الأخرى، حيث لا تستطيع تلك الموارد المالية إيجاد موطئ للاستثمار، وتعتبر أسواق البريكس أكثر جذباً للشركات بسبب تمتعها بقوة عمالة أرخص». وأضاف أن «الحوادث الأخيرة تظهر أن نمو البريكس يؤثر في الاقتصادات الغربية على نحو أكثر مباشرة، وتعمل البريكس هناك من خلال اتفاقات صندوق النقد الدولي، عبر زيادة حصص البريكس في الصندوق». ووفقاً لما ذكرته «رويترز» حول آفاق الاستثمار التي عقدت في كانون الأول 2010، قد تصبح البريكس بحجم مجموعة الدول السبع الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا وإيطاليا بحلول عام 2027.

وتظهر التوقعات طويلة الأجل أن البريكس ستسهم بقرابة 50 في المئة من أسواق الأسهم العالمية بحلول 2050، وسيتجاوز ناتجها الإجمالي المحلي المجمع مثيله في الولايات المتحدة بحلول عام 2020، وفقاً للأرقام الصادرة من القمة، وقد اتخذت مجموعة البريكس، إضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي، خطوات لدعم التنسيق السياسي الداخلي، لزيادة أرباحها وتأثيرها في الساحة الدولية.

ويرى ماريانو تورزي، الأستاذ في جامعة توركواتو دي تيلا في بوينس آيرس أنه «في غضون السنوات الـ10 إلى الـ15 المقبلة، ستعيد البريكس هيكلة العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الدولية، وفي تلك الفترة سيكون من الصعب أن ترتد قوتها إلى الوراء مرة أخرى» .

البريكس وتأثيرها في التجارة الدولية:

في أيلول 2012، قال وانغ تشاو نائب وزير التجارة الصيني: «إن حجم التجارة السنوية بين الأعضاء الخمسة في البريكس قد زاد بنحو ست مرات في العقد الماضي ليصل إلى 300 مليار دولار أميركي العام الماضي».

إن حصة التجارة البينية لدول البريكس بناء على الرقم المعلن في 2012، وهو 300 مليار دولار يضعها في موقع متأخر بالنسبة إلى تكتل يراد له أن ينتج بديلاً نقدياً، ولكن معدل نمو هذه التجارة البالغ 600 في المئة في عقد واحد يعطي أفقاً واسعاً لاحتمالات نوعية، إذ أسست بلدان البريكس بنكاً للتمويل يبلغ رأسماله 100 مليار دولار في هذا العام. كما أن حصة هذه البلدان من تبادلاته التجارية مع العالم الخارجي آخذة في النمو خلافاً لتراجعات حصص الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في التجارة الدولية.

أي أن حصة دول البريكس في التجارة الدولية السلعية هي 15 في المئة تقريباً و11 في المئة تقريباً من الخدمات التجارية العالمية، وهي لا تقيّم كلها بالدولار طبعاً، فمنها ما يتم وفق عملات محلية لشركاء البريكس التجاريين، لكن هذه التعاملات لا تزال قليلة نسبياً، ولكن تنامي حصة البريكس في التجارة الدولية ونمو تجارتها البينية بهذا التسارع يضع سيناريوهات قاتمة بالنسبة إلى الدولار.

إن تأمين طلب متزايد على الدولار أمن استقراره لعقود سابقة، وبذلك الطلب استطاعت الولايات المتحدة أن تؤمن كل ديونها لتزيد من نفقاتها وتؤجل بذلك انفجار «أزمة الدين العام» ولكن اليوم ووفقاً لما بينا لم يعد تأمين الطلب على الدولار أمراً متيسراً كما في السابق، فالركود العالمي في بلدان الغرب يؤدي إلى تراجع التجارة العالمية، وهو مايؤدي إلى تراجع الطلب على الدولار هذا من ناحية، كما أن ظهور بدائل نقدية في الآفاق المنظورة هو أمر ممكن لا بل ضروري، فعلى الأقل هناك اليورو حتى اللحظة، وإن كان ليس أفضل حالاً بسبب أزمة المديونية الأوروبية، إلا أن هيمنة الدولار باتت على المحك في مجمل كل هذه العوامل.

أوباما… انتصارات وهمية

يبدو أن حسم الصراعات المحتدمة بشكل أساسي في الشرق الأوسط وعلى حدود روسيا بات مرتبطاً بما سترسو عليه الأوضاع في منطقة شرق وجنوب شرقي آسيا، وخصوصاً في المنحى الذي ستأخذه السياسة الصينية. وبالتالي بمدى إدراك الصين لوجود مخالب حادة لا تكاد تخفيها القفازات الأميركية الناعمة.

أبرز ما استرعى اهتمام المراقبين في قمتي بكين لمنتدى بلدان آسيا الباسيفيكي آبيك ، وبريسبان لمجموعة العشرين هو السعي الأميركي المحموم نحو التصعيد في المواجهات مع روسيا، من جهة، ونحو التشديد على وحدة المصالح بين الصين والغرب، من جهة ثانية. لكن هذا المسعى الهادف إلى فك التحالف الصيني- الروسي على أمل الاستفراد بكل من هاتين القوتين على حدة لا يبدو ذكياً وقابلاً للنجاح.

فقد يكون بإمكان الرئيس الأميركي أن يتباهى بسيل التحديات و»الشتائم» التي وجهها هو وحلفاؤه في بريسبان إلى الرئيس الروسي بوتين والتي رد عليها هذا الأخير بصمت شبه مطلق وهو يغادر القمة قبل اختتام أعمالها. لكن الأكيد أنه وجم طويلاً عندما فهم ما يعنيه بوتين في تأكيده أن العقوبات الغربية على روسيا لن تفعل أكثر من تعميق أزمة حلفاء أميركا في أوروبا.

وقد يكون بإمكانه أن يتباهى بتوقيع عشرات الاتفاقات الضخمة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ في مجالات التجارة والتصنيع الحربي والصحة والبنى التحتية ومكافحة الإرهاب. لكن ذلك لن يفعل غير مزيد من تعمق المأزق الأميركي لأن جميع هذه الاتفاقيات تخدم، بإجماع المراقبين، مصالح الصين أكثر مما تخدم مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.

يضاف إلى ذلك، أن الوقائع الجديدة تشير إلى أن روسيا والصين، ومن ورائهما بلدان مجموعة البريكس التي تكتفي حتى الآن بالعمل من أجل عالم متعدد الأقطاب يضع حداً لهيمنة القطب الأميركي الواحد، قد حققت تقدماً يثير مخاوف الغرب عندما قررت إحلال تعددية العملات في المبادلات الدولية محل أحادية الدولار التي تسمح للولايات المتحدة، منذ عقود، بمواصلة العيش على حساب شعوب العالم.

هذا يعني أن سلطة الدولار الأميركي واليورو الأوروبي وما يرتبط بهما من عملات ستنحسر عن 60 بالمئة من السوق الدولية، وأن البنك وصندوق النقد اللذين جرى تأسيسهما من قبل مجموعة البريكس باتا مرشحين لإزاحة البنك وصندوق النقد الدوليين عن موقعهما الذي سمح، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بتدمير اقتصادات بلدان العالم الثالث وإغراق هذه البلدان بمديونيات ضخمة تسد أمامها آفاق التنمية الحقيقية.

أنياب أميركا تتفكك

عندما تفكك الاتحاد السوفياتي عام 1989 شعرت أميركا أن الساحة العالمية فرغت لها لتنطلق إلى إنشاء إمبراطوريتها الكونية مرتكزة إلى ورقتي القوة الأساسيتين في يدها: قوة الاقتصاد التي رأت أنها الأقوى فيه في العالم، والقوة العسكرية الذاتية والتحالفية الأطلسي و»إسرائيل» التي اعتبرتها قوة لا يجرؤ أحد على مواجهتها، وأضافت إليها القوة السياسية والدبلوماسية التي اعتقدت أن أحداً في العالم لن يغامر في قول «لا» لها، من دون أن ننسى قوة الإعلام المميزة، وبهذه الأوراق انطلقت أميركا معتمدة استراتيجيات ونظريات صاغتها خدمة لأهدافها مستعملة أدوات أهمها:

1 مجلس الأمن الدولي الذي تحول الى مكتب في وزارة الخارجية الأميركية بجهوزية كاملة لإصدار أي قرار تريد ليشرع لها عملاً أو عدوناً أو احتلالاً.

2 البنك الدولي الذي تتحكم عبره باقتصاديات الدول بخاصة الفقيرة والنامية عبر سياسة إقراض ومراقبة ظالمة تضع تلك الدول في قبضة القرار الأميركي.

3 القضاء الجزائي الدولي سواء في ذلك المحكمة الجنائية الدولية التي لم توقع أميركا بروتوكولها ولم تنضم إليها أو المحاكم الخاصة التي أنشئت عبر الطلب الأميركي لملاحقة هذه الدولة أو الهيئة أو الحزب أو هذا الشخص أو ذاك.

4 إطلاق نظرية «التدخل الدولي الإنساني» و«نشر الديمقراطية» و«الحماية الدولية» و«حقوق الإنسان» وسيادة «المجتمع الدولي» التي تعلو السيادة الوطنية. وتسويق فكرة محاربة الإرهاب من دون تحديد تعريف له على رغم السعي الدولي الحثيث من أجل ذلك كما طالب الرئيس حافظ الأسد أكثر من مرة و إطلاق مصطلحات من قبيل «محور الشر» و«الكيان الإرهابي» و«رعاية الإرهاب».

5 جعل الدولار الأميركي – الذي يطبع بقرارها من غير تغطية بالذهب عملة للعالم ومراقبة حركة التحويلات النقدية عبره.

6 وأخيراً اعتماد «استراتيجية القوة» لإرساء هذه الإمبراطورية مبتدئة بـ«القوة الصلبة» التي ترجمت حروباً واحتلالات في خمس مناطق من الخليج إلى أفغانستان إلى العراق إلى لبنان وصولاً إلى غزة، ثم انقلبت بعد حرب لبنان وهزيمة الغرب فيه إلى «القوة الناعمة» والتي ترجمت تحريكاً للشعوب ضد الأنظمة كما حدث في إيران وأعمال اغتيال وقتل وضغوط اقتصادية وعقوبات وحصار لكل دولة لا تنصاع للسياسة الغربية.

هنا برزت سورية وإيران والمقاومة في لبنان ومن تبقى من فصائل فلسطينية مؤمنة بخيار المقاومة في طليعة من يرفض ويقول: «لا للإذعان لأميركا، قالتها إيران متمسكة بـ«لا شرقية و لا غربية» بل استقلال حقيقي وسيادة فعلية وحقوق لا تنازل عنها، وقالتها سوريا بشار الأسد لكولن باول وزير خارجية أميركا متمسكة بكامل الحقوق الوطنية والقومية، وقالتها المقاومة في لبنان فحررت معظم الأرض المحتلة، وقالتها المقاومة العراقية فأخرجت الاحتلال الأميركي المباشر من العراق…

رفض استلزم مواجهات أدت إلى كبح الجموح الأميركي ودفعه إلى إخفاق تلو إخفاق حتى كانت ظاهرة الشارع العربي التي استغلتها أو حركتها أميركا لتعوض من خلالها كل إخفاقاتها، وقد منّت أميركا النفس باقتلاع قلعة المواجهة في سورية وإعادة فتح الطريق أمام مشروعها الاستعماري.

لقد حبس العالم أنفاسه وهو يراقب ما يحدث في سورية من حركة قيل زوراً إنها «سلمية» ولكن كان واضحاً أنها كانت مدعومة وموجهة بإعلام النفاق والتضليل من أجل خداع الشعب السوري لدفعه إلى محاكاة أكذوبة الثورات الملونة وتأكيد وجود ربيع عربي لنشر الديمقراطية، لكن وعي الشعب السوري وصلابة نظامه وقواته المسلحة واحتضان محور المقاومة لقلعتها سفّه الأحلام الأميركية فانقلبت كذبة «التظاهرات السلمية» إلى حقيقة وجود الأعمال الإرهابية وهنا تمكنت سورية مع حلفائها من استيعاب الهجوم، وفتح الطريق أمام القوى الدولية الصاعدة للتقدم واحتلال الموقع الملائم لحجمها الاستراتيجي الفعلي على الصعيد الدولي فبدأت مسيرة دولية فاعلة شكلت «الكارثة الاستراتيجية الكبرى» لأميركا وتمثلت بصعود دول بريكس ، تملك الاقتصاد القوي، والقوى العسكرية، والموقع الاستراتيجي والحجم الديموغرافي الكبير 44 في المئة من سكان العالم .

لم تستطع أميركا ذات الاقتصاد المهتز والقوى العسكرية المرهقة والتحالفات المترنحة أن تخيف روسيا أو الصين وتمنعهما من المجازفة، فصرخت صرخة ألم لم تمنع المتغيرات، وكان في ذلك تشجيع للقوى الصاعدة بأن تتقدم في احتلال مراكزها في الخريطة الدولية المستجدة، وبعد أن ثبتت المشهد في مجلس الأمن باستخدام فيتوات مزدوجة، وباتت تشكل جبهة دولية تنزع أنياب الولايات المتحدة الأميركية التي بها نهشت العالم وجاءت بيانات «البريكس» لتكرس واقعاً جديداً يقول:

1 إن مجلس الأمن لم يعد أداة أميركا فهناك دولتان تملكان حق تعطيله بالفيتو، وهناك دولتان على الأقل يجب أن تدخلا وبعضوية دائمة عبر حركة إصلاح للأمم المتحدة لا بد منها.

2 إن سياسة «التدخل الدولي الإنساني» هي كذبة أميركية يجب التوقف عن إعمالها والعودة إلى احترام السيادة الوطنية للدول، والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية.

3 إن البنك الدولي يمارس سياسة قهر للشعوب والدول بإشراف أميركي ويجب إصلاحه، وإلا فإن دول بريكس ستقيم منظومة إقراض وتنمية بينية ودولية تتخطى فيها هيمنة ذاك البنك.

4 إن الدولار الأميركي كما اليورو – لا ينبغي أن يستمر سيفاً على اقتصاد الدول الصاعدة وتالياً اقتصاد العالم لذا ستعتمد العملة الوطنية لدول «بريكس» في التجارة البينية بينها.

5 إن التهديد بالقوة العسكرية باتت طريقه مقطوعة على خطين: داخلي بسبب القوة الذاتية للدول و الشعوب التي تمارس المقاومة وخارجي بسبب سقوط خدعة «التدخل الدولي الإنساني».

6 وأخيراً فقد سقطت المقولات الأميركية بالديمقراطية والإرهاب بعد أن ضبطت أميركا في خندق واحد مع من تسميه «منظمات إرهابية» ثم تحالفها مع الكيانات الإقصائية الاستبدادية وتصديها للمطالب الإصلاحية الشعبية كما هي الحال في مشيخات ومملكات الخليج عموماً وفي البحرين خصوصاً.

هذا ما أكدته «بريكس»، وأطلقته مكرسة واقع النظام العالمي الجديد الذي أصبح حقيقة قائمة، بعد أن ولد في الحضن السورية من رحم أزمة شاءتها أميركا حلاً لأزمتها في الشرق وأن تجعلها أزمة لسورية ولمحورها، فارتدت عليها كارثة.

لقد اعتبرت روسيا أن حاضنة نفوذها الجنوبية المتمثّلة بإيران وسورية، هي مهدّدة من قبل الغرب عبر إثارة مسائل إنسانية وأمنية قد تفسح في المجال أمام إشعال منطقة الشرق الأوسط وخلط الأوراق الاستراتيجية. لذلك اتسم الحراك الروسي بمؤازرة الصين بالحيوية لمواجهة الولايات المتحدة.

الخلاصة العامّة

يتفق كثير من المحللين على أن التوافق الروسي-الصيني هو «توافق الضرورة»، وتمليه الحاجة إلى خلق نظرة جديدة إلى العالم من أجل فهم مصالح كل دولة في ظل خلفية العولمة، وبهدف تحقيق السلام في العالم مستقبلاً. إذ تمكّنت روسيا من إنجاح استراتيجية النهوض بعد عشر سنوات من المعاناة بحثاً عن هوية جديدة في غياب إيديولوجية الاتحاد السوفياتي المنحلّ، وانهيار ركائزه الاقتصادية وهياكله السياسية، فقد سعت وبثقة تامة إلى التوافق مع الصين الصاعدة بقوة، لإنشاء تعدّدية قطبية على مستوى القرار الدولي وخدمة المصالح الحيوية المشتركة. وقد أدّى هذا التوافق إلى تعزيز القوة العسكرية للصين بما يلائم مكانتها الاقتصادية، حيث رفعت روسيا القيود عن بيع التكنولوجيا المتقدّمة للأسلحة الحديثة، وزوّدت الصين كمية ضخمة من الأعتدة والطائرات والسفن والغواصات، كما أقامت مراكز مشتركة للبحث والتطوير والتعاون في المجال النووي.

جرى تأطير هذا التوافق بمعاهدة الصداقة الروسية – الصينية، حيث حدّدت الأهداف والآليات لتحقيقها. وجاءت التكتلات والأحلاف الإضافية لمجموعة دول «شنغهاي» ومجموعة دول «البريكس» لترسّخ الارتباط الوثيق بين روسيا والصين، ولإعطائه قيمة مضافة بانضمام قوى ضخمة ذات حيوية لتحقيق الأهداف نفسها. ويمكن تلخيص هذه الأهداف المشتركة كما يأتي:

- الإفلات من سيطرة الدولار الأميركي ودوره كعملة عالمية في التجارة الدولية.

- خلق توازن في الاقتصاد العالمي متحرّر من تجاذبات البورصات الدولية والمضاربة على المقوّمات الأساسية لاقتصاد بعض الدول من مواد أولية وخدمات مختلفة.

- خلق مؤسسات رديفة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تعنى بالتنمية المستدامة في دول العالم الثالث، وتحمي مصالح الدول الصاعدة ونموّها عبر استقرار سعر الصرف بين عملاتها.

- حماية قيمة الأصول المحلية من الأخطار الخارجية التي يسبّبها النظام المالي العالمي الخاضع لهيمنة الولايات المتحدة الأميركية.

- مواجهة أخطار الإرهاب والتطرّف الديني والعرقي.

- إصلاح بنية مجلس الأمن الدولي وإعطاؤه حصرية معالجة النزاعات المسلّحة في العالم ورفض تفرّد الأحلاف العسكرية بالتصرّف من خارج قراراته وآلياته المعتمدة. — 

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع زنوبيا الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
أكتب الرقم : *