دراسات

هكذا مّثل الزعيم جمال عبد الناصر الفنان فريد الاطرش في حفل افتتاح فيلم عهد الهوى !!

المحامي لؤي اسماعيل - موقع زنوبيا الاخباري


ثمة أشخاص يمرون في التاريخ لكنه يرفضون مغادرته حيث يتركون بصمتهم على جدرانه .. أشخاص من الصعب تكرارهم ومن النادر أن يجود التاريخ بمثلهم .. عند الحديث عن الراحل جمال عبد الناصر قد يجد الباحث نفسه محارا في خضم بحر شاسع واسع من تاريخ هذا الرجل الذي تربع على عرش القلوب فكان زعيما قوميا وأمميا استطاع أن يكسب محبة الجماهير في أصقاع الأرض .. وعند الحديث عن الفنان الراحل فريد الأطرش فإننا نتحدث عن فنان سحر قلوب المتابعين وعزف على أوتار قلبهم كما أبدع على عوده وما زلنا حتى اللحظة وسنبقى كلما سمعنا عزفا جميلا نقول بذلك الصوت النابع من أعماق القلب " آه يا فريد " . والعلاقة بين جمال عبد الناصر وفريد الاطرش هي علاقة فيها من التقدير والدروس والعبر الشيء الكثير ففريد الأطرش وجد في أرض الكنانة موئلا لنفسه المتعبة وهناك استطاع بعد جهد أن يجد له مكانا مرموقا بين أساطين فنها حتى بات الرقم واحد فيهم . جمال عبد الناصر كان زعيما للقومية أما فريد الأطرش فكان زعيما للفن علما أن فريد الأطرش ينحدر من عائلة الأطرش في جبل العرب وما لهذه العائلة من حضور وطني وسياسي في تاريخ سورية . ذاع صيت فريد الأطرش ودخل عالم الفن من أوسع أبوابه وتتالت الأفلام التي قدمها إلى أن وصل في العام 1955 إلى فيلمه السادس عشر " عهد الهوى " حيث تعرض إلى ذبحة صدرية ألزمته فراش المشفى وكان من عادة فريد الأطرش أن يحضر حفل الافتتاح في سينما ديانا بتاريخ 7-2- 1955 ومن خلال الفيلم يطل على الجماهير من مقصورته الخاصة في السينما محييّا إياهم لكن المرض كان حائلا دون ذلك فما كان من فريد الأطرش إلا أن خطّ رسالة إلى الرئيس عبد الناصر طالبا منه تمثيله في حفل الافتتاح الأمر الذي أثار خوف من حوله نظرا لغرابة الطلب وهيبة عبد الناصر . وأتى يوم العرض وتدافعت الجماهير لتجد لها مكانا في قاعة السينما لكن أصوات الموتوسيكلات البخارية ومن ثم السيارات الرسمية السوداء جعلت الناس في حيرة من أمرهم إلى أن ترجل الرئيس عبد الناصر ومعه المشير عبد الحكيم عامر باللباس المدني واتخذ لنفسه مكانا في مقصورة فريد الأطرش وألقى التحية على الجمهور تماما كما تمنى فريد الأطرش ذلك ثم التفت ناصر إلى فؤاد الأطرش شقيق فريد قائلا له " “انتبهوا يا فؤاد لأخيكم, هو ليس فقط أخوكم انما أخ لكل مصري " . أما علاقة الفنان فريد الأطرش بعبد الحليم حافظ فلقد تداخلت فيها الغيرة الفنية بالحاسدين لدرجة أن فريد الأطرش كان قد لحن لعبد الحليم حافظ أغنية " يا واحشني رد علي ازيك سلامات " لكن حليم لم يؤدها بسبب تدخل بعض الحاسدين حيث غناها الفنان محرم فؤاد فيما بعد كما لحن له أغنية " يا ويلي من حبه يا ويلي " ليؤديها فريد فيما بعد دون عبد الحليم لكن المنافسة الحقيقة كانت في حفل شم النسيم في 1970 حيث قرر كل من فريد الاطرش وعبد الحليم حافظ ان يحييا نفس المناسبة وفي مكانين مختلفين مما ترك شرخا إعلاميا كبيرا حار فيها وزير الاعلام المصري بكيفية حل هذا الإشكال من خلال عملية نقل الحفل حيث تمت معاجلة الامر إذاعيا حيث يتم نقل حفل فريد الأطرش مباشرة عبر البرنامج العام ونقل حفلة عبد الحليم حافظ عبر راديو صوت العرب أما البث التلفزيوني فبقي معلقا دون حل . ما حدث انه قبل أيام من الموعد المنتظر أحيا الفنان عبد الحليم حافظ حفلة زفاف ابنة السيد عبد اللطيف البغدادي عضو مجلس قيادة الثورة وكان عبد الناصر موجودا في تلك الليلة فاستدعى عبد الحليم إليه وهناك خاطبه بحزم " (إيه اللي إنت عامله مع الأستاذ فريد ده) فرد عبد الحليم: أنا اتفقت مع فريد، فقاطعه عبد الناصر : " الأستاذ فريد من فضلك " . وكان هذا التصويب من قبل عبد الناصر بمثابة حسم الأمر لمصلحة الفنان فريد الأطرش فقال عبدالحليم: أنا باعمل الحفلات دي كل سنة بعدما الأستاذ فريد سافر بيروت وياريت هو يعملها السنة دي. فرد عبدالناصر: علي أي حال أنا أصدرت تعليماتي بأن القناة الأولي والبرنامج العام هايبقوا علي الهوا مع الأستاذ فريد وإنت هايبقي معاك صوت العرب علي الهوا والقناة التانية هاتسجل لك وتذيع لك بعدين. ثم ما لبث عبد الناصر أن منح الفنان فريد الأطرش صبيحة الحفل المنتظر قلادة النيل التي فرح بها فريد أيما فرح وغنى في تلك الليلة كما لم يغن في حياته . وعندا توفي الراحل عبد الناصر بكاه فريد الأطرش بكاء مرا وحزن عليه حزنا شديدا وكان فريد الأطرش أول من رثى عبد الناصر بأغنية أنشد فيها : حبيبنا…. يا ناصر يا أعز الحبايب بطل وأنت حاضر بطل وأنت غايب زعيمنا يا ناصر يا أغلى الرجال يا فاتح طريق مجدنا ياجمال هذه أهم المحطات التي أردنا في هذه الدراسة أن نضيء عليها بشكل موجز دون الدخول في التفاصيل المتشعبة وهي بالمحصلة تعبيرا عن ذكاء وعبقرية وشعبية الزعيم جمال عبد الناصر ونبوغ وتفوق الفنان فريد الأطرش وهما هرمان في تاريخ القومية والفن سيبقى لهما حضورها الآسر الساحر في قلوب الملايين .

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=12&id=14248