دراسات

المعتقدات الشعبية في الحياة اليومية السورية 2

المحامي لؤي اسماعيل - موقع زنوبيا الاخباري


تؤثر الكثير من المعتقدات الشعبية على سلوك العديد من الأفراد نتيجة إيمانهم بها ومنهم من يدافع عنها ويعتبرها حقيقة لا تقبل التشكيك ويضرب لذلك الكثير من السير والحوادث التي تؤكد صحة اعتقاده حيث يصبح هذا الاعتقاد بمثابة الإطار الذي يجمع مختلف الشرائح الاجتماعية ومن ذلك إذا توفي احد الأشخاص فيخاف أهل القرية على أنفسهم لاعتقادهم " الجبانة ما بتفتح إلا على ثلاثة " لذلك يعمد الكثير من الناس إلى وضع بيضتين في التابوت على اعتبار أن البيضة ترمز إلى الروح وبذلك يذهب الخطر عن البقية كما يعتقدون أن الميت إذا مات وعينيه مفتوحتين فمعنى ذلك أن سيأخذ أحدا معه أما سماع صوت الغراب فيعني ذلك أن أمرا خطيرا سيحدث لذلك تراهم يتشائمون من صوت الغراب كما يتشائمون من صوت البومة ليلا باعتبار ذلك نذير " عزاء " قريب حال الأمر فيما لو سمع نباح الكلب في وقت متأخر من الليل بجانب البيت فذلك يعني فقدان شخص من البيت كما أنهم لا يدخلون قطع الصابون إلى المنازل في أيام السبت ولا يخرجونها لأنها قد تسبب وفاة أحد أفراد المنزل وغسله بها. إذا حدثت وفاة في أحد المنازل فإنهم يصرون على إخراج المُغتسل(طاولة غسيل الميت) قبل المتوفى لكيلا تتكرر الوفاة مرة ثانية أو ثالثة ، وهناك أيضاً من يذهب في اعتقاده أن ترك مقص القماش مفتوحاً سوف يجلب السوء والخصام لذلك يعمدون إلى إغلاقه كما أن الخياطة تتشائم من قص القماش يوم الثلاثاء لأن ذلك نذير شؤم كما تمتنع الكثير من النساء عن الغسيل يوم الاثنين كما يتشائمون من النظر في المرآة المكسورة فذلك دليل نحس كذلك يحظرون الصفير ليلا لأنه يجلب الشياطين أما إذا دخل طائر ما إلى البيت فيعني ذلك أن يبشر بالرزق فتسر الأسارير كذلك حال الأمر لو فعلها هذا الطائر فوق الغسيل فيقولون " جايي رزقة " كما يقولون أن الفراشة التي تطير في البيت ما هي إلا روح من الأقرباء تحوم فيه فيجب العطف عليها وعدم إيذائها كما يخاف الكثير من الناس القطة السوداء ويتحاشون إيذائها..لأنها قد تكون جنياً متخفياً ومن المعتقدات الشعبية أيضا أنه إذا شعر الإنسان بحكة في يده اليمنى فمعنى ذلك أنه سيقبض نقود أما إذا شعر بالحكة في يده اليسرى فمعنى ذلك أنه سيدفع نقود أما طنين الأذن فمعنى ذلك انه ثمة من يتكلم في سيرتنا كذلك فيما لو أراد شخص ما مناداة رجل أخر لكنه اخطأ الاسم وناداه باسم آخر فمعنى ذلك أن ذلك الشخص الآخر يذكر من نطق باسمه ؟ ويتفائل الكثير من الناس برؤية النمل في بيوتهم فهذا يعني أن بيتهم موفور الخير أما رفة العين فيفسرها البعض تبعا للعين التي ترف فرفة العين اليمين تعني بكي وانين ورفة عين اليسار فهذا يعني فرح وسرور وقد وجدت في هذا المعتقد بعض الاختلافات بحسب المناطق فمنهم من يقلب هذا المعتقد فيعتبر رفة العين اليمين دلالة على الفرح أما رفة عين اليسار فدلالة على الحزن ، ومنهم من يعتقد أن الشعور بالحكة على الجفن معناه أن صاحبه سيسلم على شخص ما أما حكة الأنف فمعناها أن صاحبها سيدعى إلى وليمة دسمة ومنهم من يفسرها أن صاحبها سيبكي ! أما النساء عندما يتحدثن بسيرة مخيفة فتقوم إحداهن بفتح قبة القميص والتف فيه مع عبارة " كش برا وبعيد " كما يتشائمون بقص الأظافر بعد المغرب فيقولون " قص الأظافر بالليل حرام " أما من تقوم بعجن العجين ويتناثر قسم من العجين على الأرض فذلك يعني أنه ثمة زوار سيزورون البيت أما إذا اجت الكندرة فوق الكندرة يعني رايحين مشوار أما اذا كان هناك مشاجرة فيقولون اقلبوا الصرامي لتحمى الخناقة أما في غير الخناقة فيعتبر قلب الكندرة من الأسباب الموجبة لغضب الله لذلك يسرعون إلى تسويتها ومن المعتقدات الشعبية أيضا أنه من يمشي تحت قوس قزح فإن جنسه سيتغير فإن كان صبيا سيتحول إلى فتاة وإن كانت فتاة فستتحول إلى صبي ، وقوس قزح يتشكل عندما تمطر السماء والشمس ما تزال تلقي بنورها فيقولون تعبيرا عن هذه الظاهرة بأنها " عرس الجقل " . ومن الكلمات التي تتبادر إلى ذهننا فيما لو كنا بسيرة شخص ما وإذا بهذا الشخص يظهر فجأة فيقولون " ابن الحلال عند ذكره بيبان " أي يظهر عند ذكر الآخرين له كما أن هذا المعتقد قد حور في قالب فكاهي ليصبح " اذكر القط بيجيك نط " كذلك فيما لو كان هنالك سهرة يتم فيها تبادل الأحاديث المضحكة وخاصة فيما لو تميز أحد منهم عن الآخرين بكثرة الضحك والمرح تراهم يقولون " الله يعدي الضحك على خير " وذلك خوفا عليه من أن ينقلب ذلك الضحك الكثير إلى هم وغم وأذى يصيب ذلك الشخص ويقولون أيضا من يقوم بعد النجوم بيطلع بيديه ثالول كما يقولون " اتخانق مع جارك ولا تنام العصر " لاعتقادهم أن نومة العصر تجلب الكوابيس ، أما إذا أردت لشخص أن يسافر بلا رجعة فاكسر وراءه جرة كما يتشائمون من رؤية الأرنب إذا أرادوا السفر فيؤجلون سفرهم أما المسافر فهو يستبشر بمرور الأفعى أمامه في الطريق فهذا يعني وصوله إلى غايته كما أن المرأة الحامل تتطير من رؤية الأرنب صباحا خشية أن يولد لها ولد مشروم الشفة كما يعتبر الكثير من الناس أن تربية الأرانب في البيوت مجلبة للفقر بعكس من يربي سلحفاة فهي عندهم تجلب الحظ كما يتشائمون أو يتفائلون برؤية الوجه القبيح أو الحسن حسب ضرورة الحال فرؤية الوجه القبيح عند الخروج من البيت صباحا يعني عدم قضاء الحوائج لذلك قد يسأل أحدهم نفسه قائلا " بوجه من تصبحت " وعكس ذلك التصبح بالوجه الحسن إذ يغلب على ذلك الصباح البركة وقضاء الحوائج كما يتطيرون من صوت الديك الذي يحاكي صوت الدجاجة فيعمدون إلى ذبحه مباشرة خشية وقوع مصيبة أما العين الزرقاء فيتطيرون منها ويقولون " العيون الزرق بتقطع الرزق " أي قادرة على الإصابة بالعين أكثر من غيرها أما إذا أردوا ذم رجل ما بأنه لئيم فيقولون عنه انه " أكل بيض محروق " وعندنا في الساحل عادة متأصلة أسمها " فجر الدم " أي لا بد من ذبح ذبيحة وإراقة دمها عند شراء منزل للسكن أو سيارة وذلك دفعا للشر وجلبا للخير فيعمد صاحب العلاقة إلى تلطيخ جدران المنزل أو السيارة بدم الذبيحة وأعتقد أن هذه العادة عامة ولا تقتصر على الساحل فحسب ومن المعتقدات الدارجة أيضا أنّ من يضع عوداً في النار ويحركها في الهواء فهو سيتبول تحته في الفراش أما من يلحقه الدخان فيقولون عنه انه " يتبول على الطريق " !! أما تبول الأطفال على النار فهو مجلبة للتعاسة حيث يسارع كبار السن إلى نهي الأولاد عن فعل ذلك ومن الناس من يقوم بإشعال البخور في أو ليلة في الهلة القمرية ومنهم من يقوم بسلق القمح عندما تظهر الأسنان لأول مرة في فم الولد . إن الكثير من المعتقدات الشعبية ما تزال حاضرة بقوة في ذاكرة الناس بغض النظر عن السوية العلمية التي يتمتعون بها وهي معتقدات لا يمكن تجاهلها أو التقليل من أهميتها فهي تعبر عن ثقافة المجتمع وتطوره التاريخي والحضاري وهي تستحق منا الدراسة الدقيقة ومحاولة الولوج إليها فالكثير منها حصيلة تجربة طويلة وهي بالمجمل تعبير عن المخزون الثقافي الشعبي لذلك فهي تستحق منا محاولة جمعها ودراستها ومحاولة فهم أبعادها ما دامت هذه المعتقدات تفرض نفسها في الكثير من المناسبات وتفرض حضورها القوي في مختلف جوانب الحياة .

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=12&id=14256