دراسات

التحشيد البحري الروسي قبالة الساحل السوري .. الهدف والقدرة

الميادين نت


أعلنت وزارة الدفاع الروسية منذ أيام عن مناورات بحرية واسعة، ستجريها قبالة الساحل السوري، في الثلث الأول من الشهر الجاري. توقيت هذه المناورات وحجم القوة المشاركة فيها، وتزامنها مع تحذيرات روسية من تجهيزات أميركية لعدوان جديد على سوريا، وقرب بدء عمليات تحرير إدلب، يعيدون للأذهان مناسبتين سابقتين قامت البحرية الروسية فيهما بحشد بوارجها، أولهما كانت في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2016 قبيل بدء عمليات تحرير حلب، والثانية في نيسان/ أبريل عام 2018، قبيل العدوان الصاروخي الأميركي الثاني على سوريا. لتحديد مدى قوة الحشد البحري الروسي الحالي، لابد من نظرة فاحصة لعناصر هذا التحشيد وقدراتها. الوحدات البحرية قبالة الساحل السوري أرسلت قيادة كل من أسطول البحر الأسود وأسطول الشمال الروسيين مجموعة من السفن خلال الشهر الماضي كتعزيزات للمشاركة في المناورات قبالة الساحل السوري، أسطول الشمال أرسل الطراد الثقيل من الفئة “Slava” المسمى “المارشال أوستينوف”، ليكون سفينة القيادة للمجموعة البحرية الروسية في البحر المتوسط وكذلك لقيادة المناورات المرتقبة. تبلغ الإزاحة الكلية لهذا الطراد 11280 طن، ويتسلّح بستة عشر خلية أطلاق لصواريخ “فولكان” المضادة للسفن، والتي يتعدى مداها 500 كيلو متر، بجانب عشرة أنابيب أطلاق للطوربيدات من عيار 533 مللم، و64 خلية إطلاق لصواريخ النسخة البحرية من منظومة الدفاع الجوي “S300” المسماة “Fort”. يضاف إلى هذا التسليح صواريخ قصيرة المدى للدفاع الجوي، وراجمات ضد الغواصات، ورشاشات متنوعة. كان لأسطول البحر الأسود النصيب الأكبر من السفن التي تم أرسالها إلى الساحل السوري خلال الشهر الماضي، أرسل ثلاث فرقاطات، منهما فرقاطتي صواريخ موجهه من الفئة “11356M Grigorovich” هما “الأدميرال غريغوروفيتش” و”الأدميرال أيسين”، حيث تبلغ إزاحة كل منهما الكلية 4000 طن، وفرقاطة من الفئة “Krivak” وتسمى “بيتيفي” بإزاحة كلية تبلغ 3400 طن. تتسلّح كل من الفرقاطتين غريغوروفيتش وأيسين بثماني قواذف أطلاق لصواريخ “كاليبر” الجوالة أو صواريخ “أونيكس” المضادة للسفن كتسليح رئيسي، في حين تتسلّح الفرقاطة بيتيفي رئيسياً بأربع منصات من المجمع المضاد للسفن “ميتيل”، بجانب منظومات أخرى مضادة للقطع البحرية. كذلك أرسلت قيادة أسطول البحر الأسود الكورفيت الصاروخي من الفئة “بويان أم” المسمى “Vyshniy Volochek” والذي تبلغ إزاحته الكلية 940 طن، ويتسلّح بشكلٍ رئيسي بثماني خلايا لإطلاق صواريخ “كاليبر” الجوالة. لم تغب الغواصات الهجومية عن هذه المجموعة، حيث وصل إلى البحر المتوسط خلال فترة سابقة غواصتي الديزل “Kolpino” و”Veliky Novogrod” من الفئة “636.6 Kilo”، تتسلّح كل منهما بأربع خلايا لإطلاق صواريخ “كاليبر” الجوالة. بالإضافة إلى هذه المجموعة الهجومية، وصل إلى الساحل السوري خلال الشهر الماضي مجموعة من سفن الدعم، منها زورقا جر من فئتي “Sorum” و”22870″، وكاسحة ألغام من الفئة “266ME” تحت أسم “Valentin Pikul”، وسفينة التزويد بالوقود “Boris Chilkin” من الفئة “1559V”، وسفينة الدعم والإنقاذ “KIL158” من الفئة “Kashtan”، وزورقا دورية من الفئة “Grachonok” تحت إسمي “Kadet” و”Kryma”، وزورقا إنزال بحري من الفئة “Aligator” تحت أسمي “Orsk” و”Nikolai Filchenkov”. كل ما سبق من قطع بحرية، انضم إلى بقية سفن البحرية الروسية المتواجدة بشكل دائم في البحر المتوسط ضمن المجموعة العملياتية الروسية الدائمة، وهي تتكون من 2 كورفيت صاروخي تابعين لأسطول البحر الأسود من الفئة “بويان أم” تحت أسمي “Grad Sviyazhsk” و”Velikiy Ustug” مسلّحين بصواريخ كاليبر الجوالة، ومدمّرة تابعة لأسطول الشمال من الفئة “Udaloy” تحت أسم “Severomorsk”، وتبلغ إزاحتها الكلية 7500 طن، وتتسلّح بثماني خلايا لإطلاق صواريخ المجمع المضاد للسفن “ميتيل”، وفرقاطة تابعة لأسطول بحر البلطيق من الفئة “Neustrashimyy” تحت اسم “Yaroslav Muduryy”، وتبلغ إزاحتها الكلية 4400 طن، وتتسلّح بثماني خلايا لإطلاق صواريخ “Kh-35” المضادة للسفن، بجانب كاسحة ألغام من الفئة “266M” تحت أسم “Turbinist”. تشارك في المناورات البحرية الروسية أمام الساحل السوري أعداد متنوعة من الطائرات، يقدّر عددها بنحو 34 طائرة، منها المقاتلات البحرية “سوخوي 33″، والمقاتلات متعددة المهام “سوخوي 30 أس أم”، والقاذفات الاستراتيجية الثقيلة “توبوليف 160″، وطائرات الدورية البحرية المضادة للغواصات “اليوشن 38″ و”توبوليف 142 أم كي”. اذن نستخلص مما سبق ان القوة البحرية والجوية الروسية المتواجدة حالياً في الساحل السوري، تعد الأكبر من حيث الكم والكيف على الإطلاق بالمقارنة بتاريخ التواجد الروسي البحري في الساحل السوري منذ عام 2011. الحديث هنا هو عن قوة ضاربة مكافحة للغواصات وسفن السطح، وقوة هجومية تمتلك في وضعها الحالي 64 خلية لإطلاق صواريخ كاليبر الجوالة، في حال وصول فرقاطة الصواريخ الموجهة من الفئة “11356M Grigorovich” تحت أسم “الأدميرال ماكاروف”، والتي ستصل قريباً الى الساحل السوري، سيصبح عدد خلايا اطلاق صواريخ كاليبر المتوفرة 72 خلية، مضافاً اليه ما يمكن أطلاقه جواً، وهو ما يعني قوة هجومية كبيرة ستؤدي في حال تم إستخدامها في عمليات إدلب المرتقبة إلى حسم سريع للمعركة. إذا ما قمنا بالمقارنة بين الوضع العملياتي الحالي للقوات البحرية الروسية قبالة الساحل السوري مع أوضاع سابقة، سنجد أن الكفة تميل للوضع الحالي على كافة المستويات. فالقوات البحرية الروسية في نيسان/ أبريل الماضي، وقبيل الاعتداء الصاروخي الأميركي على سوريا، أعلنت عن مناورات بحرية قبالة الساحل السوري، وأخرجت كافة القطع البحرية التي كانت متواجدة لديها داخل ميناء طرطوس، وقد كانت القوة البحرية المتواجدة حينها أقل بمراحل مما هو موجود الأن، حيث تواجد حينها تسع قطع بحرية تتألف من كاسحة ألغام من الفئة “آمور” وفرقاطة من الفئة “أدميرال جريجوروفيتش” تحت أسم “الأدميرال أيسين” وغواصتان من الفئة “كيلو”، وزورقا دورية من الفئة”Grachonok” ، وسفينة تموين بالوقود من الفئة “Olekma”، وسفينة إنقاذ ودعم من الفئة “Okhtensky”، وسفينة إنزال بحري من الفئة “”Ropucha. أما في ما يتعلق بالوضع أثناء تحضيرات عملية تحرير حلب أواخر عام 2016، كانت المجموعة البحرية الهجومية الروسية قبالة الساحل السوري قوية بشكل لافت، فقد تكونت من حاملة الطائرات “الأدميرال كوزينتسوف”، يعاونها عدد كبير من القطع البحرية على رأسها الطراد الثقيل من الفئة “كيروف” المسمى “Pyotr Velikiy” التابعة لأسطول الشمال، والمدمرة من الفئة “Kashin” تابعة لأسطول البحر الأسود، وكورفيتين صاروخيين من الفئة “بويان أم” هما “Zelenyy Dol” و”Serpukhov” مسلّحين بصواريخ كاليبر وتابعين لأسطول بحر البلطيق، والكورفيت الصاروخي من الفئة “Nanuchka” المسمى “Mirazh”، ومدمرتين مضادتين للغواصات تابعتين لأسطول الشمال من الفئة “Udaloy” هما “Severomorsk” و”Admiral Kulakov”، بجانب فرقاطة الصواريخ الموجهة من الفئة “11356M Grigorovich” المسماة “الأدميرال غريغوروفيتش”. هذه القوة تعد ضاربة في ما يتعلق بالعمليات الهجومية المضادة للقطع البحرية والغواصات، وتتعدى في هذا القوة البحرية المتواجدة حالياً امام الساحل السوري، لكنها لا تتعدى هذه الأخيرة في ما يتعلق بالخلايا المتوفرة لإطلاق صواريخ كاليبر الجوالة. بالتال نصل الى خلاصة مفادها ان الحشد البحري الروسي أمام الساحل السوري، مهمته الرئيسية هي دعم عمليات الجيش السوري المقبلة في إدلب، وحماية هذه العمليات من اية تطورات عسكرية أميركية أو حتى تركية، خاصة مع التلويح الأميركي بضربة صاروخية جديدة على سوريا. وأخيراً، الجانب الميداني الأميركي في هذه المشهد يعد مطابقاً تماماً للمشهد الخاص بالضربة الصاروخية الأميركي في نيسان/ أبريل الماضي، حينها حشدت البحرية أربع قطع بحرية هي المدمرتان “هيجنز” و”دونالد كوك” من الفئة “Arleigh Burke”، والغواصة “جون وارنر” من الفئة “فيرجينيا”، والطراد الصاروخي من الفئة “Ticonderoga” المسمى “Monterey”. وفي الغارة الصاروخية السابقة على مطار الشعيرات في حمص، استخدمت الولايات المتحدة مدمرتين من الفئة “Arleigh Burke” هما “روس” و”بورتر”. في الوضع الحالي دفعت البحرية الأميركية إلى المنطقة بثلاثة قطع بحرية، في الخليج العربي المدمرة من الفئة “Arleigh Burke” المسماة “سوليفان”، وفي شرقي المتوسط مدمرتان من نفس الفئة هما “كارني” و”روس”. تمتلك هذه القوة مجتمعة القدرة على إطلاق 270 صاروخ جوال من نوع توماهوك. وبالتالي نستطيع أن نقيّم التحرّك الأميركي حتى الآن على أنه تحرّك احترازي لأية تطورات جديدة، مع توفّر إمكانية تنفيذ ضربات صاروخية مماثلة لما حدث في هجومي مطار الشعيرات ونيسان/ إبريل الماضي، من دون توفر إمكانيات قتالية ميدانية للاشتباك البحري مع الوحدات البحرية الروسية المتواجدة شرقي المتوسط.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=12&id=18144