وجهات نظر

امريكا وسورية .. ثلاث مواجهات كبرى وثلاثة انتصارات كبرى .. عندما تضرب العملاق بالمقلاع

نارام سرجون


أعتقد ان الكلام كائن حي يخضع لقوانين الطبيعة والتطور وهناك مخلوقات من العبارات تعيش بيننا منذ ايام الديناصورات نرددها ولكن آن لها أن تنقرض كديناصورات الكلام لأنها لم تعد قادرة على الحياة معنا .. عبارة مثل اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب هي عبارة ديناصورية وآن لنا ان ندفنها ونعاملها كمستحاثة لأن العبارة التي تستحق الحياة هي (الضحك هو الذهب عندما يكون الكلام مصابا بالجرب) .. والكلام الأجرب الآن هو كلام الأميريكيين وكلام الانفصاليين الاكراد وكلام الأتراك وكلام الاسرائيليين وغيرهم .. كله كلام مصاب بالجرب .. كل التصريحات التي تصدر عن هؤلاء تصريحات جرباء يطلقها المسؤولون وهم يحكون جلودهم حتى تتقشر وتنزف .. لأنها كلمات مصابة بالجرب .. فالأمريكيون يقولون ان مهمتهم انتهت بهزيمة داعش .. وهم الذين كانوا يقولون انهم رغم عظمتهم وجبروتهم سيحتاجون الى ثلاثين سنة لتدمير داعش .. وهم الذين قالوا انهم باقون مابقيت ايران في سورية .. وان داعش اختراع اخترعه الأسد لالهاء العالم عن الثورة السورية المباركة التي سيوصلونها في ايام معدودات الى الحكم .. وهم الذين كانوا بقصفون كل من يتجرأ على عبور الفرات للنيل من داعش .. فاذا بهم بعلنون فجأة انهم أنجزوا المهمة .. والاتراك يقولون انهم سيدخلون الى حيث الأكراد الانفصاليون ولكنهم يعرفون ان الدخول الى اي بقعة في شرق سورية لايمكن ان يتم الا باشراف الحلفاء .. وموافقتهم .. ولن يجرؤ التركي على وضع قدمه في سينتيمتر واحد الا وهو ينظر في عيون السوريين وحلفائهم ليتأكد انهم سيسمحون له وان رجله لن تكسر او تقطع وترمى عليه .. وهو الذي توسل في لقاءاته الرأفة بادلب وطلب تأجيل الحسم فيها ليجد حلا للممرتزقة الذين استجلبهم ورباهم ككلاب الصيد .. اما الجرب الانفصالي الكردي فيتمثل في الغضب من الطعنة في الظهر التي تلقوها من الاميريكيين .. ولكن لاادري ماذا نسمي حركتهم في التآمر على ابناء بلدهم ودولتهم التي احتضنتهم منذ عقود واعطتهم الأمان والارض ليعيشوا بعد ان فروا من جنوب تركيا اثر حملات عنف قاسية جدا وعنيفة جدا وتطهيرية .. ورغم ان معظمهم وافدون من جنوب تركيا مما شكل عائقا قانونيا ودستوريا لمنحهم الجنسية السورية مباشرة كونهم لاجئين اتراك من اصول كردية .. وعاشوا في ارضنا وكان لهم مالنا وعليهم وماعلينا كما تعودنا في اغاثة كل لاجئي الشرق من الارمن والفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين .. وحدهم الانفصاليون الكرد قرروا ان يستقلوا بالمنطقة التي منحتهم الامان والعيش والاستقرار واعطتهم المظلة السورية ليعيشوا تحتها ويتعلموا في جامعاتها ومدارسها .. واليوم عندما تكالب العالم على البلد الذي أطعهم من جوع وآمنهم من خوف قرروا ان يطعنوا هذا البلد وشعبه ودولته وان يتجندوا كمرتزفة وموطفين عند اميريكا .. ومعندما تركتهم اميريكا وفسخت عقد التوظيف اعتبروا سلوكها طعنة في الظهر .. اما كل التنكر للمجتمع والعشائر العربية والدولة التي عاشوا فيه كمواطنين وقتل جنودها والاستيلاء على ارضها وثرواتها وبيعها للغرباء مثل كل اللصوص الذين تدخلهم في بيتك وتطعمهم وتدفئهم وماان يهاجمك اعداؤك حتى يتمردوا عليك في بيتك ويطعنوك ويخلعوا الشبابيك والابواب كي يدخل القتلة الى اهلك وعيالك .. كل هذا الذي لايتذكره هؤلاء الانفصاليون هو مايسمى الطعنة في الظهر .. اما تخلي الامريكيين عن الكرد الانفصاليين فانه ليس فيه اي شيء من الطعن في الظهر بل هو فسخ عقد بين أجير ومستأجر .. بين مرتزق ومشغّل .. وهم امر طبيعي في عقود تخادمية عرفت بها اميريكا .. والتي لها عقود استخدام مع كل من يسمون حلفاءها .. الاردن وتركيا والخليج والاخوان المسلمين وأصحاب الحئيئة اللبنانيين وغيرهم .. الاسرائيليون مصابون بالارتباك والحيرة لأن كل دهاء اليهود عبر العصور تم الزج به في الحرب على سورية فهم استخدموا العرب ضد العرب والمسلمين ضد المسلمين والسوريين ضد السوريين والاخ ضد الاخ والبيت ضد البيت والنبي ضد النبي .. واتعملوا كل علم الحرب النفسية والدعائية من اجل تحطيم عدوهم الاكبر في الشمال .. واذا بهم يستيقظون ليجدوا ان عدوهم الذي كان يحترق امام عيونهم خرج من تحت الرماد ينفض عنه الرماد .. ولذلك فان النتن ياهو ينام وهو يحك .. ويفيق وهو يحك .. ويأكل وهو يحك .. ويغازل زوجته سارة وهو يحك .. لان كل الكلام الذي قاله منذ سنوات ووعوده واكله التفاح الجولاني امام الكاميرات وشروط ابعاد ايران عن حدوده تبين انه كلام مصاب بالجرب والتعفن واصابت صاحبه العدوى .. حتى اللحظة لانزال نقيّم القرار الاميريكي بالانسحاب وندرسه لنعرف ماتحته ومافوقه .. ومالم يقله القرار العلني .. ومع ذلك فلن يكون الحدث المهم اذا ماانجز .. بل الأهم منه هو الحديث عن المرحلة اللاحقة للخروج الاميريكي لأن ماسيتلو ذلك انسحاب طوعي تركي من الشمال .. لكن التأثير الخطر المعنوي على ايديولوجية السيطرة على شعوب الشرق التي عاشت وهم القدر االميريكي الذي لايرد ورقم 99% من أقدارنا بيد اميريكا كما روج السادات لمشروعه بتسليم مصر للأمريكيين .. حيث سيكون في الانقلاب الهائل في مزاج الشرق ومزاج الشارع العربي الذي سيكون حائرا ومبهورا امام هذا الانجاز والأداء الاسطوري للسياسة السورية التي تجنبت العاصفة والاعصار .. ثم قامت بترويض العاصفة والاعصار .. واستعمالهما .. واليوم تمتطي سورية العاصفة بعد ان وضعت اللجام في اشداقها وتسير بها في طرقات الشرق .. فكم سيكون لهذا الحدث من تأثير في نفوس الناس وهم يرون ان المواجهة الثالثة بين اميريكا العظمى وسورية البلد الصغير في الشرق انتهت الى انسحاب اميريكا من المواجهة للمرة الثالثة .. فسورية واجهت اميريكا في العراق حيث كانت اميريكا تفكر بالتقدم نحو دمشق فتحالفت سورية مع ايران لارغام اميريكا على الانسحاب دون شروط .. فانسحبت اميريكا .. وفي لبنان تواجهت الدولتان في قضية الحريري التي كانت حربا اميريكية على سورية .. ورغم الانسحاب السوري الذكي امام العاصفة فقد انتهت المواجهة بنهاية مشروع اميريكا القاضي بالدخول الى سورية عبر لبنان وملاحقة الجيش السوري والقيادة السورية الى داخل دمشق .. وتم تحطيم المشروع بالتحالف السوري مع حزب الله ومعركة 2006 الطاحنة .. وتحول الحريري الى تاريخ .. ولكن المواجهة الكبرى كانت في الربيع العربي واطلاق مايسمى بالثورة السورية وهي اهم مواجهة وكنت فيها كل طاقة اميريكا تجاه سورية .. وانتهت المواجهة .. بانسحاب اميريك .. مذل .. يشبه في سرعته .. انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان عام 2000 .. تأثير ذلك هائل على الشرق وسكان الشرق الذي رغم كل التعتيم على النصر السوري سيضطرون الى مواجهة الاسئلة المستحيلة التي حاولوا تجنبها .. فالرئيس الذي بقي في السلطة ليس رئيسا عاديا بل استثنائي ويحسب له انه تماسك في وجه اعنف عاصفة .. والجيش والشعب والدهاء السياسي ليس عاديا بل يدخل في سياق الأسطرة .. وسيكون السوري الذي كان مضطهدا ومنبوذا وشريدا ومن سكان المخيمات ويتم تصويره وهو يبيع بناته للسترة والزواج ويرمي نفسه في البحر سينسى هذا المشهد المخزي وتبرز في الأذهان والوعي العام صورة السوري الذي تحدى اميريكا ثلاث مرات .. وخرج في كل مرة منتصرا .. وستزول كل الصور المخزية التي اهانت السوريين وصورتهم شعبا همجيا دمويا ويتوسل التدخل الدولي ... وهذا سيعني ان هذا البلد يستحق بجدارة ان نثق به وبتوجهاته وسياساته وخياراته ومشروعه الكبير الذي يستحق ان يقود الشرق كله والعرب والمسلمين .. وهذا ماسيترك تأثيره على كل ايديولوجيات الاعتدال والسلام ومعاهدات السلام في المنطقة وسييعث الروح في قوة الرفض والعصيان الخامدة والهاجعة والمخدرة في خزائن الاوهام مثل كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة .. لان هذه الخيارات ستفقد قيمتها وهي ترى ان اميريكا التي توصف بأنها الدولة التي بيدها 99% من اوراق الشرق الاوسط لم تستطع ان تستولي على الـ 1% الباقية بيد سورية وحلفائها .. وتبين ان هذه الـ 1% اقوى من 99% من اوراق بيد اميريكا .. وكل اوراقها تتساقط .. في لبنان والعراق وفلسطين وسورية واليمن .. نصيحتي الخالصة للأكراد الانفصاليين ان يلقوا السلاح ويعودوا الى حياتهم كمواطنين يردون دينا في اعناقهم للشعب الذي اعطاهم كل مايستطيع ليكونوا جزءا منه لهم ماله وعليه ماعليهم .. واما نصيحتي لغير الاكراد من الانفصاميين العرب والمسلمين مثل العرب الخلايجة وفلسطينيي حماس (القطريين والاتراك) وانفصاميي لبنان وجماعة الحئيئة الذين تصرفوا بالضبط ودون اي فرق كالأكراد الانفصاليين .. وطعنونا في الظهر رغم كل مافعلنا لهم .. نصيحتي لهم هي ان يطأطئوا رؤوسهم ويعتذروا .. ويعبروا عن شديد الندم .. ويعضوا اصابعهم حتى تتقطع .. وان وان يصوموا 30 سنة عن السياسة تكفيرا عن خيانتهم وسلوكهم الغادر والطاعن للبلد الذي اعطاهم قيمة في العالم واعطاهم مكانة في العالم ووضعهم على الخارطة كشعب قادر على ان يرفع سبابته في وجه اميريكا .. لأن العالم الذي يظن ان العرب والمسلمين هم السعوديون والخلايجة الاثرياء الاغبياء .. سيجد نسخة معدلة ومحترمة ونموذجية للعربي والمسلم السوري الذي تحدى العالم كله وهزم اميريكا 3 مرات .. وهو الشعب الوحيد الذي اهان اميريكا 3 مرات .. وروضها 3 مرات .. وهو يفتح الطريق نحو تغيير معادلات الشرق .. ودق اسوار الهيكل .. الذي لاشك يهتز مما يحدث حوله .. ويرتجف قلبه .. من اولئك المرابطين في الشمال .. وهزموا العملاق بمقلاع بسيط .. وانقلبت الاسطورة اليهودية عن جوليات وداود .. فالعملاق الذي جاء به داود ليسحق السوريين تلقى ضربة بالمقلاع .. ضربة اصر ضربة .. فقرر الانسحاب .. ولم ينفعه .. لذلك فان عليكم ان تغيروا خزائن الكلام التي ورثتموها مع كل الأمثال والحكم وكما غيرتم الاقدار أن تغيروا المأثور .. وان تلقوا بما فيها في نهر الفرات الذي سيغسل آثار القدم الهمجية وسيغسل وجهه بعرق الجنود السوريين ويتنشف بثيابهم التي يعلوها الغبار .. فالكلام اليوم في العالم كلام من جرب واصواته تصدر عن لعب .. والضحك على هذا الكلام هو الذهب .. وذهب الذهب .. فاضحكوا .. اضحكوا .. اضحكوا .. وتذكروا أنه اذا اصيب الكلام بالجرب فسيصبح الضحك من ذهب ..

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=19612