وجهات نظر

إردوغان الرئيس الذي غدر بصديقه السوري الرئيس بشار الاسد

وكالة اوقات الشام


وصلت علاقتهما الى درجة اللقاءات الاسرية، هي علاقة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالرئيس السوري بشار الاسد فصداقتهما تعود الى عشر سنوات مضت، في وقتها وصلت العلاقات التركية السورية الى الذروة. وقبل ذلك كانت العلاقات التركية – السورية تعاني من الاضمحلال والشكوك والعداوات المتبادلة خاصة في ظل حكم العسكر الذين كانت لديهم طموحات في التوسع في الاراضي السورية. فتركيا ولحد اليوم تسيطر على ما تصفه سوريا بانها اراضي تابعة لها مثل لواء الاسكندرون والنزاع على هذه المنطقة يمتد لعقود وهو يعود الى تاريخ 1916. وبشكل عام لم تتحسن العلاقة بين تركيا وسوريا الا بعد سقوط حكم العسكر ومجيئ حكومة اردوغان الى السلطة حيث شهدت العلاقات بين البلدين افضل اوقاتها. وتمكنت دمشق من نسج روابط متينة مع انقرة وازدهرت العلاقات التجارية والدبلوماسية، وعزز الكثير من التقارب بين البلدين صداقة شخصية بين أردوغان والأسد. التمرد المسلح بداية لتخريب العلاقة بين اردوغان والاسد غير أن العلاقة بين البلدين والرئيسين اخذت بالتدهور بعد اندلاع التمرد المسلح في سوريا وانحياز الرئيس التركي وبدوافع طائفية الى الجماعات المسلحة المتمردة وقام بتزويد عناصرها بالسلاح والعتاد مما ادى الى مقتل آلاف السوريين في حرب هوجاء لم تزد البلد الا دمارا. ومع تفاقم الحرب على سوريا والهجمة الشرسة التي تعرضت اليها البلاد ارتفع خطاب أردوغان ضد الأسد، وبلغ ذروته عندما وصف حكومته بانها تمارس إرهاب الدولة، حسب تعبيره. الرئيس التركي توغل اكثر فأكثر في الحرب السورية وفتح اراضيه لتكون ممر عبور للمسلحين وارهابيي داعش من اوروبا الى الاراضي السورية، وشارك في مؤامرة محاكة ضد سوريا دون ان يعرف مقصدها وهو تقسيمها وتفكيك خارطتها. فقد اصبحت الاراضي التركية من افضل الممرات البرية التي استغلها الارهابيون للعبور الى سوريا وتنفيذ هناك عملياتهم الانتحارية. ولم تكن السلطات التركية بجاهلة مما يحدث على اراضيها وكيف تحولت اراضيها الى ممر للارهابيين لكنها كانت تغظ الطرف عن ذلك من اجل المساعدة على الاطاحة بالحكومة السورية الشرعية في البلاد مما يعد تدخلا غير مشروعا بحسب القانون الدولي في الشرون الداخلية للبلدان الاخرى. الصحافة التركية وفي تقارير استقصائية كشفت تورط المخابرات التركية بتزويد الجماعات المسلحة بمختلف الاسلحة المتطورة، ونشرت تلك المعلومات في تقارير مفصلة بشأن هذا الموضوع. وليس فقط لم تكترث الحكومة التركية لهذه المعلومات الصادمة لكنها اطاحت بالناشرين واودعتهم السجن بتهمة الكشف عن معلومات سرية. وبرغم دعوة دمشق الجماعات المسلحة الى وقف حربها المسلحة واختيار الحل السلمي كحل بديل للحرب، غير ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اصر على موقفه الداعم للجماعات المسلحة مؤكدا عدم ايمانه بجدوى الحل السلمي في النزاع السوري. وزادت تركيا من تدخلاتها في الشأن السوري الى درجة مطالبة الرئيس التركي برحيل الرئيس السوري بشار السوري مما يعد تدخلا فاضحا في الشؤون الداخلية لبلد ذي سيادة. غير أن الصورة تغيرت بعد التقدم الذي احرزه الجيش السوري في عدد من جبهات القتال ضد الجماعات المسلحة وماساعد ايضا على تغيير الموقف التركي هي المحاولات الروسية لاقحام تركيا في المباحثات السياسية لتثبيت السلام في سوريا ورضوخ تركيا اخيرا في الدخول في تكتل ثلاثي يشمل اضافة الى تركيا ايران وروسيا وما يعرف بمباحثات آستانا التي قادت الى اتفاق “سوتشي”. آستانا ومحاولات ضم تركيا الى قطار السلام ويبدو ان تركيا انتبهت في آخر الامر ان المؤامرة التي تستهدف سوريا بالتقسيم هي ايضا تستهدفها لاسيما بعد تخلي الغرب وخاصة الولايات المتحدة عما يسمى بالجيش الحر وتركيز اهتمامها ودعمها لوحدات حماية الشعب الكردية. مما يكشف مخططا غريبا ابعد من الاطاحة بالرئيس الاسد والحكومة السورية، مخطط يستهدف المنطقة برمتها وقد بدأت ملامحه في الظهور من العراق عندما دعمت واشنطن الحركة الانفصالية في العراق كبداية لتقسيمه، ومن ثم دعمها للجماعات الكردية كمقدمة لتشكيل ما يسمى الدولة الكردية الكبرى التي تضم اراضي في العراق وايران وسوريا وتركيا. ادراك الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لهذه الحقيقة دفعته لاعادة النظر بكل توجهاته السابقة، وصب كل اهتماماته للحؤول دون تحقيق الغرب لاهدافه في المنطقة ومنع تقسيمها على يد الاكراد المدعومين اميركيا. ومنذ اكتشافها لهذه المؤامرة تراجع حدة الخطاب لدى الحكومة التركية ضد الحكم في سوريا، باعتبار ان الشخص الوحيد الذي بامكانه منع قيام “كيان كردي مستقل” في المنطقة على الاراضي السورية هو الرئيس بشار الاسد وليس احد غيره. وقد فهم الاتراك ان حالة الفوضى التي خلقها الغرب في سوريا وايجاد الجماعات المسلحة هناك كانت ستكون المقدمة لتشكيل “الدولة الكردية” بل وخلق حدود وبلدان جديدة، تقام على اساس طائفي او عنصري قومي. وبعد هذه الخلاصة المهمة التي توصل اليها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وخلال زيارته الأسبوع الماضي إلى موسكو قال الرئيس أردوغان إن “الهدف الوحيد لتركيا” هو محاربة جماعات مثل تنظيم داعش ووحدات حماية الشعب، وليس الاطاحة بالحكومة السورية. وفي الشهر الماضي نقل عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده ستدرس التعاطي مع الرئيس الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية. ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قادر هاس في إسطنبول مداد شليك بالا أنه على الرغم من العداء بين أردوغان والاسد فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكنه لعب دور في جعلهما يعملان معا. وأضاف “أردوغان يتمتع بالذكاء الكافي ليتمكن من وضع مشاعره الشخصية جانبا إذا رأى ميزة سياسية، لا أحد يستطيع أن يقول إن أردوغان لن يجتمع أبدا مع الأسد” وأضاف أن تركيا بعد الحرب ستستخدم الأراضي السورية التي تسيطر عليها حاليا في شمال سوريا “كورقة مساومة” لتعزيز يدها، في حين تسعى إلى تحييد وحدات حماية الشعب.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=20174