كلمات

يغتالني الحنين


بقلم لمى توفيق عباس :

 

يغتالني الحنين , على أرصفة الذكرى ...برصاصها الموجع ..... هي بضع ساعات قليلة , كان فيها مقتلي ..... مرت كحلم يطالبني بالانعتاق من زمني .... بعد أن أسرته ليال طوال .....
بضع ساعات قليلة ...... هي عمري كله , وحتفي ...
أعرفه منذ لم أكن أعرف , وأشتاق له حين كان الِشوق عندي بكاء لايعرف مرده , وأعاقبه حين يذهب , أو حين يتأخر , أو حين يبدي اهتمامه بأحد , فأضربه ... وأتعمد تلويث ثيابه .... وأسبّ عليه ...... أخبئ أشياء له بين ممتلكاتي في خزائني , وبين ملابسي ...وحتى في شقوق الحيطان القريبة من بيتنا ..... كنت طفلة , لم أكن أرى أحدا سواه .... على ركبتيه ... وفي حضنه كنت ألاعب أصابيعه وألعب بها ... أعيد تركيبها من جديد ... أنظر الى لحيته... أعيد تسريحها على طريقتي , بيدي وأصابعي ...... أقترب من عينيه , أقبلّه في شعره ... أحيا بين تلافيف عبقه .... أغيب مع سمارياته , وبحة صوته ....ولن أنسى ماحييت لمساته التي أعادت تكويني مرارا .... وياما استرجعتها قبل أن أغفو ... لأغفو عند عتبات أمانها ... وأفيق منتظرة قدومه , لكنه غاب فجأة ورحل .
بضع ساعات قليلة ..... هي عمري كله وحتفي ...
وسمعتهم كثيرا يحكون أشياء لم أفهمها عن غيابه ... وكنت أتسمر حين يتسائلون .. هل , أو , متى , سيعود ... وأتيبس حين أرى فتورهم حيال فكرة رجوعه .
كبر غيابه ... وكبرت مع سنوات غيابه ... صرت صبية ... يافعة ... أنثى ... مملوءة . أغيب وأحضر ... وهو في كينونتي الحاضر الغائب
أملأ الدنيا التي لايملؤها شيء في عيني سواه ..... مشغولة به ... أنام متصورة وجهه ... جمعت له سرا , صور وأشياء تخصه ... أتفقّدها , أتأملها , أشمّها , وأقبّلها , كلما خلدت الى وحدتي .... قليلون من يأتون على ذكره , وقليلة هي المرات التي يذكرونه بها ... وأنا كنت واثقة أنه في مكان ما ... وأنني سأعرف عنه شيئا في يوم ما ....
وأتسائل ...؟؟ماالذي يربطني به ... وماذا لو عاد ...؟؟؟ ورغم معرفتي بطبيعة عشقي له ... سألت نفسي كثيرا عن شكل هذا العشق .
يالي من كاذبة ... فلأعترف لنفسي على الأقل أنني كامرأة , أحبه كرجل ... وإلا لماذا أغلقت جميع الأبواب , وحتى الثغرات , دون كل الرجال ... ؟؟؟ ولماذا أقرأ وأكتب عن الحب والغياب ....؟؟ ولماذا أنأى بنفسي عن الجميع ...؟؟ أليس لأتذكره ...؟؟ وأفكر فيه , أليس لأغمض عيني , وأفتح شوقي ...؟؟؟ أليس لأحلم به ...؟؟؟
والسنون .... ماذا عن السنين ...؟؟؟ هو لايكبرني سوى بألف عام ... فقط ألف عام ونجمة ...ولكن كل هذي السنين , لاتعادل زمن تنهيدة واحدة ... أتنهدها حين يغرقني طيفه .
بضع ساعات قليلة ... أتاني فيها حلما على غمام , يسابق القدر , وعواصف الوجد .... وكانت هي اللقاء الأخير .

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=6&id=20943