بزنس

الدولار يحوّل القامشلي إلى «وول ستريت سوريا»

الاخبار


انعكست سنوات الحرب الماضية على مدينة القامشلي، كُبرى مدن محافظة الحسكة، عبر تغيرات بنيوية تتمايز عما جرى في غيرها من المدن السورية. وتتكون المدينة الحدودية مع تركيا والقريبة من العراق من تركيبة إثنية متنوعة، وهي تُعَدّ مركز نشاط سياسي رئيسي لعدد من الأحزاب الكردية. وبعدما كان اقتصاد المنطقة يعتمد على القطاع الزراعي، فضلاً عن الإنتاج النفطي، توسّع دور سوق الصرافة في المدينة لتتحوّل وفق تعبير البعض إلى «وول ستريت سوريا». فخلال الأعوام الماضية، ارتفع عدد مكاتب الصرافة وحجم المبالغ المتداولة يومياً، وبات التعامل اليومي بالدولار الأميركي بدلاً من الليرة السورية حاضراً بقوّة. توضح مصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن هناك أكثر من 200 مكتب افتتح معظمها خلال الأزمة، وتتركز مواقعها في سوق الصاغة، إلى جانب بعض «المكاتب المتنقلة» التي تمارس نشاطها داخل المخيمات التابعة لمنظمات الأمم المتحدة، وتشرف عليها «الإدارة الذاتية» المسؤولة عن منح الامتياز. وتعد «المكاتب المتنقلة» أحدث إبداعات تجار المدينة خلال سنوات الحرب؛ وينجز عملها عبر تكليف عشرات (وربما مئات) الأشخاص بإنجاز مبادلات الصرافة عبر التنقل من دون وجود مكاتب تحتويهم. وينتشر هؤلاء بالقرب من مكاتب الصرافة ليعرضوا خدماتهم على الزبائن أثناء خروجهم أو دخولهم؛ ويراهنون على كسب «الزبائن» عبر عرض التصريف بسعر يختلف بليرة أو نصف ليرة عن الموجود في المكاتب. السوق الرائجة للسيارات المهرّبة من تركيا والعراق تجري معاملاتها حصراً بالدولار طبيعة النشاطات الاقتصادية «المستجدة» فرضت ارتفاعاً في حجم التعامل بالدولار، إذ تجري جميع معاملات البيع والشراء للنفط والوقود اليومية بالعملة الأميركية. تضيف المصادر أنه يخرج من الحسكة يومياً أكثر من ألف شحنة نفط أو وقود لمصلحة جهات عدة، بينها شحنات نحو الداخل السوري. بالإضافة إلى ذلك، هناك سوق رائجة للسيارات الحديثة المهرّبة من تركيا والعراق، تجري معاملاتها حصراً بالدولار، وتحت رعاية «الإدارة الذاتية» التي تفرض رسوماً على كل عملية تسجيل سيارة تقدر بنحو 1200 دولار. ويُستخدم الدولار أيضاً في بيع منتجات كثيرة مثل بعض المحاصيل الزراعية لتجار من إقليم شمال العراق، أو السلع القادمة من إيران عبر الأراضي العراقية، فضلاً عن الأبقار والأغنام. يضاف إلى ذلك خدمة الإنترنت (من تركيا) بالدولار، منذ 2012 حتى العام الماضي، ومن شمال العراق في ما بعد. وبات شائعاً في المدينة الحدودية بيع العقارات الفاخرة بالدولار أيضاً. ومن أسباب وفرة الدولار في المحافظة، الانتشار الكثيف لنشاط المنظمات غير الحكومية التي استقرت في مناطق سيطرة «الإدارة الذاتية»، خاصة في عامودا والمالكية والدرباسية، حيث يعمل آلاف الموظفين الذين يقبضون رواتبهم جميعاً بهذه العملة. اقرأ أيضا: وصول المئات من عوائل داعش من مواطني أوزبكستان إلى القامشلي لتسليمهم إلى بلدهم هذا الواقع أثار مخاوف كثيرة على مستقبل المنطقة التي أصبحت ترتبط اقتصادياً بالسوق التركية والعراقية أكثر من الداخل السوري، بما في ذلك من مخاطر لاحقة على وحدة البلاد، في ظل انتشار قوات دولية على نحو غير شرعي. وعزز ذلك انزياح النشاط الاقتصادي في القامشلي من اقتصاد إنتاجي إلى ريعي، لأسباب بعضها قديم وأخرى أنتجتها الأزمة. إذ ساعد تهتك البنى التحتية وغياب المعامل والمصانع، رغم توافر المواد الخام الرخيصة، وسوى ذلك من أسباب، على تراكم جيش من العاطلين من العمل. كذلك إن افتقار الجزيرة السورية إلى شبكات ري حقيقية، على رغم وجود نهري دجلة والفرات ومئات المُسل المائية وخصوبة الأراضي الزراعية، فاقم ضعف القطاع الزراعي.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=9&id=21650