وجهات نظر

صفقة القرن" بيع القضية الفلسطينية بثمن زهيد

محمود جميل الجابري


عندما يفضل المسؤول المصلحة الشخصية على مصلحة البلاد عندها فقط سنرى ملامح صفقة سياسية تنحاز لطرف ضد آخر كما حصل مع ما يسمى ب "صفقة القرن"، وهذا هو حال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي فضل مصلحته الشخصية ووقوفه مع الكيان الغاصب وانحيازه التام له بغية تقوية وضعه الداخلي في الولايات المتحدة وكسب دعم اللوبي الصهيوني في واشنطن على حساب مصالح بلده وهذا ليس غريبا على رجل أعمال أمريكي جشع كترامب وما يساعده على تسويق تلك الصفقة المشبوهة وجود أنظمة خليجية متخازلة لا تعرف من العروبة إلا اسمها فقط محاولة إيهام شعوبها أن الكيان الغاصب حمل وديع وأن الجمهورية الإسلامية في إيران العدو اللدود. شكل ترامب فريقه الخاص بتصفية القضية الفلسطينية وبيعها بثمن زهيد من ثلاثة أشخاص الأول غرينبلات المبعوث الخاص للشرق الأوسط الذي لا يمتلك أي خبرة سياسية والمعروف بميله لمصالح العدو الإسرائيلي والذي أعلن عن استقالته 5 أيلول 2019 ثم أكد أن سيبقى لحين إعلان الصفقة وما أكد أن الهدف من الخطة التي كان له اليد العليا في وضعها تصفية القضية الفلسطينية بالكامل بأبخس الأثمان هو كيل المديح الذي تنافس ترامب ونتنياهو على إعطائه له بعد الاستقالة الآنفة الذكر، وتردد غرينبلات هذا يدل على ارتفاع مؤشر فشل هذه الصفقة التي تبين أنها ستعلن بعد انتخابات العدو الإسرائيلي في 17 أيلول الجاري والهدف على ما يبدو من تأجيل الإعلان عنها لما بعد انتخابات 17 أيلول هو دعم ترامب لنتنياهو في هذه الانتخابات وبذلك سيكون أمام رئيس وزراء العدو فرصة أكبر للتعاطي مع ما تسمى "صفقة القرن"، أما الشخص الثاني في فريق هندسة الصفقة المشؤومة هو صهر دونالد ترامب ومستشاره اليهودي جاريد كوشنير الذي ما فتئ القيام بجولات مكوكية لعواصم الشرق الأوسط ولقاءاته مع رأس النظام السعودي فعليا محمد بن سلمان بغية تسويق الصفقة عربيا، فكما تبين أن ابن سلمان مستعد للتحالف ليس مع الصهاينة فحسب بل مع الشيطان لو لزم الأمر لمواجهة الخطر المزعوم من إيران وفي هذا محاولة من نظام آل سعود لإعادة برمجة الشعب العربي على أدبيات وإيدلوجيا جديدة تعتمد الجمهورية الإسلامية في إيران عدوا للعرب بدل العدو الحقيقي المتمثل في الكيان الغاصب الصهيوني وفي هذه الإيدلوجيا الوهابية الجديدة أكبر مجافاة لحقائق التاريخ والجغرافية السياسية، أوليس من أوائل من دعم القضية الفلسطينية هو السيد الخميني منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران وحتى هذا التاريخ. من جانب آخر فإن وضع ترامب لصهره ومستشاره كوشنير اليهودي في فريقه الخاص بقضية العرب المركزية دلالة ورمزية خاصة لتوحي للعالم بأسره بأن ترامب الحامي الأول لمصالح اليهود في العالم وقد حاول الإيحاء بذلك في أكثر من مناسبة كما عبر ترامب عن غضبه من أن 80 بالمئة من اليهود في الولايات المتحدة يدينون بالولاء للحزب الديمقراطي ولم يقدروا حسب زعمه تضحياته وتضحيات الحزب الجمهوري من أجلهم . والشخص الثالث في الفريق الترامبي هو فريدمان السفير الأمريكي في إسرائيل والمعروف بتطرفه الشديد لصالح العدو الصهيوني وقد تلقى فريدمان مبتسما صورة للقدس يظهر فيها الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى المبارك ضاربا بعرض الهائط مشاعر العرب من المحيط إلى الخليج. بالانتقال إلى مضمون الصفقة الأمريكية فإنها تعتمد على مبدأ "المال الزهيد مقابل السلام" بدلا من المبدأ المعهود تاريخيا "الأرض مقابل السلام"، إن الخطة التي أعدها فريق ترامب الثلاثي تعتمد على بيع القضية الفلسطينية مقابل 28 مليار دولار ستعطى للسلطة الفلسطينية وعلى مدار 10 سنوات وسيخصص 22 مليار دولار منها للأردن ومصر ولبنان مقابل توطين اللاجئين لديها ومن المضحك المبكي في الصفقة المزعومة هو أن تلك المليارات ستكون في معظمها من مال الشعوب العربية في الخليج العربي التي دأبت أنظمتها الرجعية على سرقة أموال شعبها في النفط والطاقة خدمة للولايات المتحدة وربيبتها إسرائيل، هذا من الناحية الاقتصادية للخطة الأمريكية أما من زاوية الشق السياسي فتعتمد الخطة على إعطاء القدس للصهاينة خلافا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وسلب الفلسطينين حق العودة وتوطينهم في بلاد اللجوء المجاورة وتشكيل دولة فلسطينية منزوعة السلاح ضعيفة وغير قادرة على النهوض بواجبها الإقليمي في المنطقة وأن تكون تحت رحمة سلاح الصهاينة وأكثر من ذلك أن تتكون تلك الدولة من غزة وأجزاء من الضفة الغربية. وما يحز في النفس حقا أن يتحول النظام البحريني إلى مرتع ومستنقع نتن لتنفيذ أجندة واشنطن وإسرائيل في القضية المركزية في الوطن العربي ألا وهي فلسطين وأن يكون هذا النظام البائد حامل راية الاستسلام للعدو الصهيوني،إلا أن ما ينذر بفشل هذه الصفقة هو رفض القوى الفلسطينية جميعها لمحددات هذه الخطة والرفض الكامل من قبل محور المقاومة لها (للخطة) وبذلك يثبت محور المقاومة من طهران إلى بغداد فدمشق الأسد فبيروت أنه حامي القضية الفلسطينية في زمن ارتهنت فيه أنظمة الخليج لواشنطن وباعت نفسها ووطنها لقاء بقاها في السلطة، لقد أثبتت سورية تاريخيا منذ عهد القائد التاريخي الرئيس حافظ الأسد أن موقفها مبدئي وثابت تجاه قضية العرب المركزية ولم تتنازل قيد أنملة عن الحقوق العربية وها هو السيد الرئيس المقاوم بشار الأسد يقف سدا منيعا في وجه عربدة المخططات الأمريكية سواء على الساحة السورية أو الفلسطينية على حد سواء.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=22907