وجهات نظر

كمال خلف يكتب عن اللجنة الدستورية

رأي اليوم


يطغى الحديث في سوريا عن تشكيل اللجنة الدستورية التي ستتولى صياغة دستور جديد للبلاد على ماعداه من تحديات أخرى اقتصادية كانت أم عسكرية. وكانت زيارة الوسيط الدولي الحامل للملف السوري “غير بيدرسون” بداية هذا لأسبوع لدمشق شارة الإعلان عن هذه اللجنة تحت رعاية الأمم المتحدة، ونشرت دمشق اليوم أسماء ممثليها الخمسين في اللجنة والتي ستتكون من 150 عضوا، منهم خمسون تختارهم دمشق، وخمسون تختارهم المعارضة، وخمسون يختارهم المبعوث الخاص للأمم المتحدة، من المجتمع المدني. آلية التصويت تكون باعتماد 117 صوتا داخل اللجنة لإقرار مواد الدستور الجديد أي ما نسبته 75 المئة من أصوات اللجنة، وهي آلية تبدو صعبة قائمة على توافق شبه تام وانسجام بين أعضاء اللجنة، وهذا غير متوفر الآن في ظل الصراع السياسي الحاد والقائم حاليا في المشهد السوري، وهو ما أوجب تشكيك المراقبين بالمهل الزمنية التي حدّدتها الأمم المتحدة لإنجاز الدستور السوري الجديد، إلا إذا كانت المراهنة قائمة على قدرة الأطراف الدولية الضغط على أعضاء اللجنة لتسهيل إقرار الدستور، وهذا ما استبقته دمشق بإعلان رسمي يرفض تدخل أيّ طرف خارجي بعمل اللجنة. وتبدو أولى معارك حلبة الدستور ستتركز حول مسألة البحث في تشكيل دستور سوري من نقطة الصفر كبديل عن الدستور السوري الحالي كما تُطالب المعارضة أم جرّاء تعديلات متوافق عليها على مواد الدستور الحالي كما تصر الحكومة، وتهدف المعارضة من خلال مطلبها بنسف الدستور الحالي إلى إجراء تغيير جذري في مسألة صلاحيات رئيس الجمهورية، وإعطاء صلاحيات إضافية إلى رئيس الحكومة والبرلمان الذي تأمل المعارضة أن يكون لها فيه حصّة وازنة. ومن المتوقع أن تعقد اللجنة أولى جلساتها في مقر الأمم المتحدة نهاية شهر أكتوبر المقبل في مدينة جنيف، وحسب الاتفاق الخاص باللجنة الدستورية من المقرر أن يعرض الدستور السوري الجديد على استفتاء شعبي يشمل السوريين داخل وخارج البلاد، وتحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما سيكون أول اختبار لرأي الشعب السوري في مسار الحل السياسي منذ انطلاق الحرب في سوريا عام 2011. ولا تضم اللجنة ممثلين عن الإدارة الذاتية الكردية شرق سوريا، التي اعتبرت في بيان أن “إقصاءها عن اللجنة إجراء غير عادل”. ويطرح موعد انتخابات مجلس الشعب السوري في الربيع المقبل تساؤلات في الشارع السوري، إن كان سوف يجري حسب المواعيد الدستورية الراهنة، أم أن اللجنة الدستورية في جنيف يمكن لها أن تنجز الدستور في غضون الشهور القليلة المقبلة، وبالتالي ستجرى الانتخابات وفق قواعد المشهد السياسي الجديد، مع ما يمليه من حتمية دخول قوى المعارضة في الخارج إلى حلبة المنافسة السياسية من بوابة البرلمان، أو إمكانية موافقة دمشق على التمديد لمجلس الشعب الحالي وتأجيل الانتخابات إلى حين نضوج الصورة على مسار الدستور والمفاوضات السياسية، وهذا السيناريو مستبعد في ضوء تجربة السنوات الماضية، حيث أصرت دمشق على إجراء كافة الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والبرلمانية في أصعب ظروف الحرب والمواجهات على جبهات متعددة. كما يبدو موعد الانتخابات الرئاسية السورية في 2021 موعدا هاما، من ناحية مدى إمكانية نضوج المسارات السياسية للحل إلى درجة دخول المعارضة على خط المنافسة على المنصب، وكذلك شكل العملية الانتخابية مع إصرار المعارضة على أن تُجرى تحت إشراف الأمم المتحدة، وهو ما تعتبره دمشق في كافّة المفاصل انتقاصا من سيادة الدولة وتدخلا خارجيا في شؤون البلاد له ما بعده من تداعيات على مستوى التأثير الخارجي في القرار السوري المستقل، المعركة السياسية وصلت إلى ذروة الاحتدام، وهل كما تبدو لا تقل صعوبة وتعقيدا عن المعارك العسكرية، والشهور المقبلة ستكون كفيلة بالحكم على درجة النجاح والفشل

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=23018