وجهات نظر |
أميركا كورونا سورية: توقّعٌ أم وعيد؟ |
|
|
 |
|
لعل الخبر السوري في زحمة الاخبار المتلاحقة عن كورونا المستجد, لم يلفت الانتباه كما المعتاد منذ اندلاع الحرب السورية, فمر تصريح الخارجية الأمريكية على لسان المتحدثة باسم الوزارة مورغان اورتاغوس, محذرة من خطر انتشار وباء فيروس كورونا بنطاق كارثي و حددت السجون و المخيمات في كلامها...
اللافت أن الرد أتى في سياق اعتبار هيئة التنسيق المشتركة الروسية - السورية أن واشنطن تقدم الدعم للمسلحين تحت غطاء المساعدات الانسانية لمخيم الركبان و تحت عنوان مواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد بالتحديد..
المستجد هنا ليس وباء كورونا وحده, بل دخوله على معادلة الصراع بين الطرف السوري الروسي من جهة و الامريكي من جهة ثانية , خاصة و أن الولايات المتحدة الامريكية لم تثبت أنها ممسكة بزمام التعامل مع هذا الوباء في نيويورك قبل أن تتحدث به عن سورية و هي عندما تستخدم تعبير (نطاق كارثي) تكون قد فتحت مجالات واسعة للشك , فمن يعرف المنطقة التي يقع بها مخيم الركبان في وسط البادية على ملتقى الحدود السورية الاردنية العراقية , يدرك تعدد الأدوار التي يلعبها هذا المخيم, حيث يشكل ما يمكن اعتباره (مستوعبا بشريا) قامت الولايات المتحدة الامريكية بتجميع اللاجئين فيه ليحقق الظهير المطلوب لاستدامة السيطرة و اغلاق معبر التنف الحدودي الاستراتيجي الواقع على الطريق الدولي الرابط بين دمشق و بغداد, كما أنها احتفظت على الدوام بقوات أمريكية في منطقة التنف رغم أنها أيضا لا تحوي أي آبار نفطية و لا ينطبق عليها بالتالي حتى آخر اعتبار للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيبقي قوات أمريكية (لحماية أبار النفط) ... كما لا ينطبق على المنطقة الاعتبار الآخر : أي لحماية قوات قسد, حيث لا تعتبر هذه المنطقة بالذات ذات علاقة حتى بقسد و ليس فيها أكراد سوريين..و المسلحون الموجودون في المنطقة بدعم امريكي ينتمون بشكل رئيسي الى فصيل (مغاوير الثورة) و اسود الشرقية و قوات احمد العبدو و هي جميعا قوات ذات عقيدة (جهادية متطرفة) و دورها الرئيسي بالاضافة الى دور المخيم المرهون انسانيا لصالح هذا المشروع هو ابقاء الفصل و قلقة الحدود السورية العراقية و هذا مشروع أمريكي لم يزل في أولوية السياسة الامريكية في سورية.
كل هذا بالاضافة الى استخدام معاناة أهلنا المحتجزين كرهائن في مخيم الركبان رغم الآوضاع الانسانية السيئة و رفض الأمريكان السماح لهم بالمغادرة خاصة حين غمرت السيول المطرية خيمهم مع كل الجهود السورية الروسية التي بذلت آنذاك لاخراجهم و فتح معابر انسانية لهم , حيث لا يلغي الشك الكبير و المستجد الآن بأن هذه (الورقة) قد تلعب من قبل المسلحين بدعم من الأمريكان لنشر الوباء في المخيم و محاولة التسريب الى خارجه, و خاصة لأن المنطقة صحراوية و مفتوحة ....و المانع الوحيد لتغيير الواقع كان هو الرفض الامريكي لاحداث أي تغيير في وضعه نظرا للغايات التي وضع من أجلها, هو و التركيب الجيوسياسي المتعلق به, فهل وضع هذا المعطى البالغ الخطورة و الذي اتضح من التهديد الامريكي , على كفة البازار لما يسمى بالحل السياسي ؟ خاصة و أن المعادلة قد انقلبت منطقيا الآن فالطرف السوري الروسي و ان كان يدعو لعودة النازحين و هم أهلنا بالطبع من هذا المخيم و غيره من أماكن النزوح, الا أن هذا الأمر لا يمكن استسهال تمريره هذه الأيام حيث تغلق المدن السورية كما مدن العالم كله على الحركة المدنية الطبيعية, و بالتالي يغدو أي اجراء مغاير لهذا التوجه, مشبوها خاصة و ان أتبع بضغط سياسي كالذي قرأناه في تصريح الناطقة باسم وزارة الخارجية الامريكية ...
هذا سؤال و ان لم نكن نملك الاجابة عنه, و مع يقيني أيضا باعتراض البعض على صيغته المرجحة لما يعرف بنظرية المؤامرة, الا أن حجم الخطر المحدق بنا من كل صوب, لا يتيح أي قدر من ترف الاسترخاء و انتظار الامور لتغدو أكثر وضوحا و بالتالي سهولة على التحليل, فعندها قد يصبح التحليل نوعا من كتابة التاريخ
طارق الاحمد .موقع خمس نجوم
|