وجهات نظر

عن سامي كليب, وعن السوريين الذين أنقذوا النظام لا سورية

وكالة انباء آسيا - خضر عواركة


لا ينفصل "القول" عن القائل، بل لا يمكن فهم أو تفسير "القول" إلا إن عُرف من هو القائل. مثلاً: لو كتب شتام معارض زاعماً فيما كتب "أن الأسد حافظ على نظامه فماذا عن سورية"؟ لما كان في قوله خطر...إذ أن قوله يصدر عن عدو كاره.
كتب خضر عواركة... عن سامي كليب, وعن السوريين الذين أنقذوا النظام لا سورية


أخطر الكلام هو الخارج من مصدر يعتبره أناسنا وأهلنا "مصدرٌ أهل للثقة" ويستحق التصديق والإيمان بما يقوله, كونه يصدر عن محبّ لا عن عدو.

فإن مكامن الخطورة تتوسع حين يبتغي المرء أن يتجاهل واقعة واحدة شطّ بها محب عن قول الصواب, وروّج دون قصد ربما, لما يضرب مصداقية كل دماء الشهداء السوريين الذين قاتلوا للدفاع عن بلدهم في وجه الإرهاب والأطلسي وأميركا وإسرائيل والوهابية السعودية التكفيرية, والوهابية الصهيونية القطرية، لا لأجل النظام.

هناك وقائع نشرها "القائل" من قبل تشفع له, ولكن كيف نؤمن بمن يعتقد أن نظاماً بحّ صوت رئيسه وهو يحاور ١٣ ألف معارض جاء بهم إلى منزله ومكتبه ومقرّه طوال أشهر من السنة الأولى للأزمة, وفي النهاية اعتبروا فعله ضعفاً, فاستمعوا إلى شياطين التسليح, وتحوّل أغلبهم إلى إرهابيين.

القائل محبّ، فهل تشفع للقائل ما تورّط في قوله الآن, مع أنه نسف به كل الفوائد التي جنيناها من محبته؟

يمكن أخذ العبرة في خطورة القول نظراً لارتباطه بالقائل, من نموذج مرّ على المهتمين بالقراءة السياسية من خلال مقال للكاتب والإعلامي سامي كليب, وعنوانه: "الأسد أنقذ النظام فماذا عن سورية"

أخطر ما في قول الكاتب والمقال أن سامي كليب هو من قاله.

في القول:
ذكر الرجل في مقال له بتاريخ ١٦ الجاري وفي مقال نشرته الأخبار اللبنانية ما حرفيته: "صمد النظام ونجا، هذا مهم له ولحلفائه. لكن ماذا عن سورية؟

صمد الشعب أم النظام؟

المراقب العادل الوثيق الصلة بالشارع السوري يلاحظ منذ بداية الأزمة أن ثلثي السوريين اصطفوا مع النظام, وإلا ما صمد. وأن الثلث الباقي لم يقاتل النظام مباشرة, وإلا لسقط, وإنما قاتله بعضهم وصمت آخرون منتظرين نتيجة المعركة لينحازوا.

صمد النظام لأن ثلثي الشعب السوري من السنة أولاً وجدوا أن معلوم النظام أرحم من مجهول المعارضة, وفوضى الاحتلال الاطلسي الذي طالبت به.

ماذا عن سورية؟؟

وكأني بسامي كليب يؤكد لقرّائه بأنه شخصياً يعتقد أن إنقاذ سورية شيء منفصل عن تضحيات مئتي ألف وطني سوري, دفعوا حياتهم ثمناً لحماية سورية من الإرهاب, لا دفاعاً عن شخص أو عن رئيس أو عن نظام.

ويتابع كليب في مقاله فيقول:

"صحيح أن الدولة السورية تعود الأكثر جذباً للناس بعد تمدد الإرهاب بصوره البشعة. صحيح أيضاً أن نسبة كبيرة من أهل السنة, والمكونات السورية الأخرى تقاتل إلى جانب الجيش السوري. صحيح كذلك أن نسبة كبيرة من الطبقة البرجوازية والصناعية والتجارية السنية لا تزال إلى جانب الأسد. لكن الصحيح أيضاً أن ثمن البقاء كان باهظاً: معظم الأراضي السورية مدمر. الخسائر البشرية ربما قاربت ٢٥٠ الفاً. إعادة الإعمار قد تكلف ٢٠٠ مليار دولار، والشروخ الاجتماعية والمذهبية والطائفية كبيرة"

الكلام السابق لسامي كليب يوحي بفشل النظام في منع تدمير سورية. فهل لدى الكاتب اقتراح يمنع تدمير سورية, وعصابات المعارضة ما قاتلت في جبال ولا في غابات, بل تعمدت نقل المعارك إلى المدن من الأرياف حتى تصيب أكبر عدد من المدنيين بالقتل والجروح, ليقال للغرب تفضل أنقذنا من النظام المجرم.

ثم يتابع سامي كليب فيقول: ليس النظام بريئاً أبداً. هو أيضاً يتحمل مسؤولية دماء ودمار ودموع.

من قال إن النظام بريء ليس سوى أنت سيد سامي كليب!! لكنك هناك تبدل وتغير مناقضاً نفسك في السنوات الثلاث الماضية.. و الجديد قولك "هو أيضا يتحمل مسؤولية دماء ودمار ودموع"

لنسلم جدلاً بصحة ما تقول, فلماذا تقوله الآن وليس قبل الآن؟؟

ويتابع كليب فيقول:
أخطأ في احتقار المعارضة منذ البداية, رغم أن فيها من كانوا قادرين على لعب دور هام. وفشل في إحداث اختراق في صفوف الدول العربية, حتى شكّلت جبهة ضده. وقطع جل علاقاته مع الغرب. وساهم في جعل إيران لاعباً كبيراً في الدول العربية". (انتهى الاقتباس)

ليس المطلوب من الكتاب التطبيل والتزمير لنظام يستحق النقد والجلد والإصلاح, ما استطاع الوطنيون إلى ذلك سبيلاً, بالنصح والإرشاد والاقتراح. لأن واجب الكاتب الوطني أن يتحدث عن السيئات والحسنات في نظام فيه من هذا وذاك الكثير الكثير.

لكن ما ليس وطنياً بتاتاً الدخول إلى عقول الناس لسنوات من بوابة "محبتك لسورية وقربك من مؤسسة الرئاسة" ثم تمرر سمّاً زعافاً يقتل كل رغبة لدى الناس في إرسال أولادهم للقتال, استكمالاً لمعركة تحرير سورية من الإرهاب تحت قيادة قائد بحث بحسب قولك عن "إنقاذ نظامه" ولم يقدم بحسب قولك ما يكفي من عمل لإنقاذ سورية!!

تتعرض السلطة السورية لهجاء تكفيري من آلاف المواقع والوسائل الإعلامية, ويكتب ضدّها مئات الكتاب يومياً، وربما المئات منهم من وزن وبأهمية سامي كليب المهنية, وبشهرته. ولكن كلامهم لا قيمة له لأنهم أعداء السلطة, وأعداء الموالين للرئيس ولبلدهم. و لا مصداقية لهم في عيون السوريين واللبنانيين والعراقيين واليمنيين والعرب المؤيدين للأسد. أولئك الذين هم مثلي ومثل الكثيرين... لا يؤيدون الأسد عبثاً أو عن تعصب. ولا لكونه رئيساً لنظام عربي، بل لأنه رئيس النظام العربي الوحيد الذي كان ولا يزال باستطاعته إنقاذ نظامه بشحطة توقيع, يوافق فيها على فك تحالفه مع المقاومة اللبنانية ومع إيران, وبالابتعاد عن مواجهة جدية للهيمنة الأميركية الإسرائيلية, عبر القبول بما قبله ياسر عرفات ومحمود عباس للشعب الفلسطيني.

الأسد لم يفعل...

الأسد لم يحمِ نظامه فقط, ولو كان يبحث عن مصلحة شخصه وعن مصلحة نظامه لكان استجاب لكولن باول يوم كان ثمن الوقوف بوجه الأميركيين في مسعاهم لطرد المقاومة الفلسطينية من دمشق, حصاراً, وربما غزواً عسكرياً لسورية.

عدم الاكتراث بمصلحة النظام الفئوية, والإصرار على مصالح وثوابت وطنية أولاً, وقومية ثانياً, أدت إلى هزيمة سياسية في لبنان بدعم أميركي وعربي, وأدت إلى تجرّؤ "غيلان الأمن والعسكر" على التفكير بانقلاب داخلي في دمشق, بقوة المعنويات التي توفرت حين أصبح الأميركي جاراً للسوري, مع ربع مليون جندي على الحدود السورية مع العراق.

لو أراد الأسد حفظ نظامه لشارك الإخوان المسلمين، عملاء الأتراك والأميركيين، بما نسبته ثلاثين بالمئة من السلطة التنفيذية لهم, وسبعون بالمئة تبقى بيده إلى أبد الآبدين, وبموافقة أميركية، حين حمل إليه هذا الحل مع ضمانات كاملة الوزير السابق والرئيس الحالي لوزراء تركيا في بداية الحرب على سورية.....ِشرط الالتزام بفك التحالف مع إيران ومع حزب الله, وفك الالتزام بـ كلمة "لا" للهيمنة الإسرائيلية الأميركية على منطقتنا.

لو أراد الأسد إنقاذ النظام فقط وإنقاذ نفسه لما خاطر بحياته وأهله حين رفض عرض وزير الخارجية القطري, الذي حمل إليه عرضاً خليجياً اميركياً, يردد المعزوفة ذاتها عن إيران وعن حزب الله وعن فلسطين، تحت عنوان "الابتعاد عن إيران يجنب سورية الخراب, ويجنب الأسد مصير مبارك وبن علي" وإن "العودة إلى الحضن العربي تحمي سورية من المؤامرات عليها, وتحمي حكم الأسد في إطار التزام النظام العربي كله بأمن نظامه وباستقراره مالياً واقتصادياً"

لو كان الأسد يريد إنقاذ نفسه ونظامه لقبل العروض الإماراتية والتركية, التي قدمت له خارطة طريق منذ ما قبل الأزمة وخلالها, للخروج من حالة العداء بينه وبين الأهداف والسياسات الأميركية في المنطقة.

ولو فعل.... لما قامت عليه حرب باسم الثورة. ولا قامت عليه حرب إعلامية باسم أهل السنة العرب.

ولو قبل ما عرضه كولن باول (إلى آخر الباولات الخليجيين والأتراك والأميركيين) لما ولدت النصرة ولا صارت داعش ولا انشق من انشق ولا صار في سورية جيوش من الهمج الرعاع, الذين أرادوا الحرية بالكلام, فتبين أنهم يعرفون فقط حرية القتل وحرية التمثل بأسوأ ما في النظام والسلطة, ودون التمثل بما لهم وفيهم من حسنات وخدمات ومزايا إيجابية.

الرئيس الأسد يستحق الانتقاد، فكل شخصية عامة تستحق النقد, ولنا حق الاعتراض والمعارضة عما تقوم به في بلدها وفي الإقليم. لكن ليس من المنطقي أن تمدح الرئيس ثلاث سنوات, ثم في مرحلة مفصلية تتهمه بأنه يحتقر المعارضة التي أشعلت حرباً ضد شعب سورية, في حين أن الرئيس حاور آلافاً من معارضيه حين بقي أشهراً يستقبل الفعاليات التي نظمت وشاركت وموّلت التظاهرات ضده.

سياسات الأسد الداخلية بما يخص الأحزاب والانتخابات والاقتصاد كلها من الأمور التي تستحق الاعتراض والنقد والتمحيص, ولكن من المعيب القول "ان النظام يحتقر معارضيه" ورجال الرئيس بالعشرات حاوروا المعارضين في أوكار الإرهاب التي اختبؤوا فيها, زاعمين أن لهم مطالب سلمية وحقوقاً مشروعة. فلما اشتد عودهم نقضوا الحوار والهدنة وذبحوا المحاورين.

سياسات السلطة السورية بما يتعلق بالحريات والديمقراطية في السياسة والإعلام هي سياسات مرفوضة, وتستحق النقد والرفض والتقريع, لكن بماذا أخطأ النظام حين أعلن عليه الحرب عظماء العالم في الغرب, وحقراؤهم العرب؟؟

نقد الرئيس السوري أمر مستحب ومباح, ولكن ليس في موضوع الحرب التي شنها العرب والغرب على سورية وشعبها. فماذا كان يجب أن يفعل من دعا معارضيه إلى الحوار مرة تلو المرة في كل خطاب وفي كل مقابلة وفي كل تصريح, وكان الرد دوماً هو الرفض...والتعنت والاستزلام للاميركي, والدعوات التي وجهت للأطلسي وللأميركيين وللأتراك لغزو سورية.

هل الحوار إلا التفاوض؟

وهل احترام المعارضين سوى الطلب منهم المشاركة في حوارات مباشرة مع السلطة بشكل علني أو سري؟

ألم يعرض الأسد على المعارضين كافة العودة إلى دمشق بضمانات دولية ومحلية, شرط المشاركة في الحوار للوصول إلى حل؟

اجتمعت وفود من الإخوان مع وسطاء إيرانيين ومن حزب الله, ووافق الأسد على محاورتهم حتى في دمشق, لكن من هرب من الحل السياسي ليس النظام بل الإخوان, أقوى فروع المعارضة في السنة الأولى للأزمة. ومن رفضها كثيرون غيرهم إلى أن ورثت داعش والنصرة المعارضة وما تمثله بعض فئاتها الممولة أميركياً وسعودياً وقطرياً وتركياً.

ألم يذكر الرئيس مرة تلو المرة أنه جاهز للسير في عملية سياسية تؤدي إلى التعددية الحقيقية, وإلى المشاركة وإلى تقاسم السلطة وفقاً لما يقرره الشعب في استفتاء, كان يمكن للمعارضين أن يستفيدوا من الدعم الدولي لهم لضمان نزاهته وحياد من يشرفون عليه؟

ألم يعقد معارضون مؤتمرات في قلب دمشق وفي جوارها بحماية النظام, فكفرهم رفاقهم واعتبروهم أهدافاً مشروعة؟

ألم يقبل النظام الحوار مرة ثانية مع كل المعارضين بدعوة روسية وأخرى إيرانية وثالثة شارك فيها سماحة السيد حسن نصرالله شخصياً, حتى مع الإخوان وعبر ممثلين لهم في داخل سورية وفي خارجها، ثم انقسم الإخوان ومن لف لفهم, ورفضوا الحوار والالتزام بحل سياسي مستندين على فكرة الغزو الأطلسي لسورية؟

المعارضون رفضوا القبول بالحوار, وتعنتوا وتجبروا, حتى صار زعيم حي منهم يأمر وينهى, وكأن له جيشاً ودولة, في حين تبين أنهم متورطون بحلف مع الأميركيين، عاطفي ومصلحي، ما لبث وأن أصبح حلفاً مع إسرائيل, ومع ورثة تنظيم القاعدة في آن واحد.

ألم يعرض النظام مرات ومرات على أمثال حسن عبد العظيم, وعلى أمثال هيثم المناع رئاسة الحكومة, والمشاركة من موقع المسؤولية في فرض إصلاح يجبر عليه النظام لينجو من توسع غضب الشارع في بعض المحافظات... فهل قبلوا؟

الكلام الصادر عن شخص يمثل ما يمثله سامي كليب ليس كلاماً عابراً, فهو يؤثر في الموالين وفي المحايدين, لأنه صادر عمن يدافع منذ ثلاث سنوات عن النظام بكل ما كتب، فهل يستحق الظهور بمظهر الحياد أن ندعو الأهالي والأمهات لمنع أولادهم من المشاركة في معركة, يقول كاتب مقرب من القصر الرئاسي في سورية إن قائده يدافع عن نظامه وينسى بلده ويحتقر معارضيه وشارك في سفك الدماء وفي التدمير وفي التسبب بالبكاء والدموع؟

ما كان يجب على الأسد أن يفعل لمنع التدمير؟؟ وفي مواجهة جيشه نصف مليون مقاتل متحصن في مدن كبرى, يتهددون الناس بالقوة كي يخضع لهم ثلثي الشعب السوري بعد أن ساندهم أو تعاطف أو سكت عن تحركهم ثلثه.

نصف مليون مسلح جرى صرف عشرات المليارات على تسليحهم, وأغلب السوريين مدربون بسبب الخدمة الإجبارية, وجرى رفدهم بثلاثين ألف ضابط وضابط صف من كل الاختصاصات ممن انشقوا عن الجيش السوري، وجرى تنظيمهم وتسليحهم بما يناسب نشر الخراب والنار والدمار في كل متر من الأراضي التي يستطيعون الوصول إليها. ولو كانت المعارضة حقاً تسعى لخير بلدها لقاتلت بالتظاهر السلمي, لتمنع الجيش من قتالها بالسلاح, ولهزمت الأمنيين بالتعاطف الشعبي معها. لكنها معارضة مرتزقة للخارجة, نحت نحو التسلح عند أول فرصة سانحة, لأن السلاح دخل سورية ومعه رواتب لحامليه ضد أنفسهم.

لو كانت المعارضة وطنية لما قتلت من قتلت باسم الطائفية, ولما احتمت بالمدنيين, ولما تحصنت ببيوت الفقراء, ولما سرقت بيوت الأغنياء, ولما قتلت المسيحي والشيعي والعلوي والسني الموالي باسم الثورة والحرية والكرامة.

ملايين الأطنان من الذخائر شحنت إلى سورية خلال سنوات من الحرب، ومرت فترات صار فيها لجيوش المعارضين قوى أكبر بشرياً وتسلحاً بالكيف لا بالنوع من الجيش السوري نفسه. فما الحل الذي بيد الرئيس حينها؟
- الحوار ؟؟
وأعداؤه رافضون له, ومصرون على احتلال البلاد بقوة السلاح والارهاب.
- الصمت والهدنة, والمسلحون لم يلتزموا بها أبداً
- الحل الدولي, وأول غيث التدخل الدولي منح الإرهابيين فرصة التسلح والتدريب والتزود باسم الأمم المتحدة بكل ما يحتاجونه لتوسيع سيطرتهم.
نعم ثلث السوريين تعاطفوا أو ساندوا أو صمتوا إيجابياً عن الحراك المسلح, ولكن ثلثي السوريين كان مصيرهم بيد الأسد...فإما أن يدافع عنهم وإما أن يتخلى عن ذلك ويسلم البلد لرعاع قادتهم عراعير وإرهابيون وقتلة.

أم كان على الرئيس أن يدعوا إلى استفتاء للاختيار بين البغدادي والجولاني لتسليم أحدهما الحكم؟؟

الأنظمة تستبدل لكن الأوطان لا تتبدل, ومن يضحي بنفسه لا يهمه نظام يحكم بل بلد يبقى. والحديث عن إنقاذ النظام بمئتين وخمسين ألف ضحية من السوريين إهانة لأهل حلب السنة, ولسنة دير الزور ودرعا ودمشق, ولأهالي حمص والرقة وإدلب الذين قاتلوا ويقاتلون مع الجيش, لا دفاعاً عن الرئيس, بل بقيادته. ولأنهم يؤمنون بأن بلدهم بخطر الاضمحلال والسقوط تحت نير عبودية التكفيريين ودواعش, ربّتهم أميركا بغباء معتاد في التعامل مع المتطرفين, فلما أصبحوا خطراً عليها صارت تبحث عمن ينقذ سياساتها من براثنهم.

إن انتقاد السلطة السورية واجب, والمطالبة بديمقراطية حقيقية في سورية واجب، ولكن عن أي نظام دافع الأسد, ومئة وعشرين بلداً دعمت وسلحت أكثر من نصف مليون سوري, ودربت وسلحت ونقلت إلى سورية أكثر من مئتين وخمسين ألفاً من البهائم التكفيرية المتوحشة؟

لا شك أن مجرمي حرب قاتلوا متخفين ضد الشعب السوري من أوساط موالية, فبينما هرب آلاف المنشقين علناً بقي آلاف يعملون كطابور تخريبي. كما أن في الحرب تولد الجريمة والوحشية حتى في جهة الخيرين. وما يجب أن نطالب به هو إنشاء محكمة سورية لجرائم الحرب تلاحق مجرمي الحرب أينما وجدوا وإلى أي طرف انتموا, لكن أن نصف شهادة آلاف الجنود والمدنيين بأنها دفاع عن نظام لا عن وطن, فذاك تبنٍّ كامل لمقولات الإرهابيين.

لو كان المطلوب بالنسبة للأسد هو حماية نظامه فقط لكان يكفي الخضوع لمطالب الأميركيين, والقبول بوساطات السماسرة العرب والأتراك. حينها لكان الأسد بطل الحرية والإنسانية في نظر الأميركيين. ورمزاً لحماية أهل السنة من الغزو الصفوي بنظر أهل النفاق الديني في الخليج.

يمكن قبول أي شيء يقال عن السلطة السورية إلا أن يقال إنها كانت قادرة على منع الحرب والتدمير ولم تفعل.

لا يعني ما ذكرت سابقاً أن الإعلامي والكاتب سامي كليب يقصد إدانة سورية ورئيسها, وإنما "هو طالب حق أخطأه, وهو ليس قاصد سوء فأصابه.

الإعلامي سامي كليب قلم وطني نحرص عليه, ولكن يا حبذا لو يتوقف عن الكتابة كمن يقاتل مع جيش في معركة ويعلي الراية البيضاء احتياطاً.
 

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=13&id=3982