بزنس

جلسة مصارحة مع أرقام وزير المالية عن إيرادات القطع الأجنبي!


مرة أخرى، تسقط الحكومة في "فخ" معلوماتها "المتناقضة"، والتي تنم عن غياب التنسيق بين المسؤولين والمؤسسات الحكومية، وعن تباين وتناقض المعلومات المتعلقة بالأداء العام.

مؤخراً، وتحت قبة مجلس الشعب، برر وزير المالية الدكتور اسماعيل اسماعيل الانخفاض المستمر في سعر صرف الليرة بالفجوة المتحققة بين إيرادات الدولة من القطع الأجنبي ونفقاتها، مشيراً إلى أن انفاق الدولة في العام 2015 وصل إلى 4.3 مليارات دولار، فيما لم تتجاوز إيراداتها أكثر من 640 مليون دولار، أي أن هناك عجزاً يقدر بنحو3.6 مليارات دولار.

طبعاً، عندما تصدر مثل هذه الأرقام الهامة عن وزير المالية، فمن الطبيعي أن يأخذها المهتمون بالشأن الاقتصادي على محمل الجد، ويبنون عليها كثير من التحليلات والقراءات الخاصة بواقع تطورات سعر الصرف، والعوامل المؤثرة فيها.

لكن، هناك بيانات ومعطيات حكومية أخرى، يمكن عند مقاربتها أن تتغير النظرة إلى ما قاله وزير المالية، أو إلى ما قاله سابقاً مسؤولون حكوميون.

إذ تشير البيانات والأرقام الواردة على لسان مسؤولين اقتصاديين إلى أن إيرادات الدولة من القطع تتجاوز بكثير الرقم المعلن من قبل وزير المالية، لا بل إن الإيرادات تكاد تتساوى مع نفقات الدولة بالقطع الأجنبي:

أولاً- وفق تصريحات سابقة للمصرف المركزي فإن سورية تستقبل يومياً، وعبر القنوات المالية النظامية، حوالات خارجية تصل قيمتها يومياً إلى نحو 7 ملايين دولار، أي أن إيرادات المصرف المركزي من الحوالات الخارجية يمكن أن تصل إلى 2.5 مليار دولار، لاسيما وأن الحوالات يجري تسليمها لأصحابها بالليرة السورية وفق سعر صرف خاص.

ثانياً-وفق تصريحات وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية فإن قيمة الصادرات السورية خلال العام 2015 شهدت زيادة ملحوظة، ومدير عام هيئة تشجيع الصادرات أعلن مؤخراً أن قيمة الصادرات خلال العام الماضي تصل لنحو ملياري دولار، وعليه لو افترضنا أن نصف هذا المبلغ فقط جرى إعادته إلى المصرف المركزي بموجب تعهد إعادة قطع التصدير، فضلاً عن صادرات المؤسسات العامة، فهذا يعني أن إيرادات المركزي من التصدير يمكن أن تكون قد وصلت في العام الماضي لنحو مليار دولار.

ثالثاً-وفق تصريحات سابقة لمدير إدارة الهجرة والجوازات فإن إيرادات منح جوازات سفر وتجديدها للسوريين المقيمين في الخارج بلغت خلال العام الماضي، ولغاية الشهر العاشر منه فقط، نحو 521 مليون دولار.

رابعاً-هناك إيرادات أخرى تحققت للخزينة العامة بالدولار، كالإيرادات المتأتية من عمل مؤسسات اقتصادية، كالمؤسسة العامة للمناطق الحرة، ومؤسسة الطيران العربية السورية..وغيرها.

وعلى ذلك، فإن إيرادات الدولة من القطع الأجنبي وفق ما صرح به بعض المسؤولين تتجاوز 4 مليارات دولار، أي أن إيرادات الدولة تكاد تتساوى مع نفقاتها بالقطع الأجنبي، أو تقل قليلاً، ولن نقول تزيد قليلاً...إذاً أياً من البيانات نصدق؟.

نحن أمام خيارين لا ثالث لهما:

-إما أن بيانات وزير المالية هي الصحيحة، وتالياً كل تصريحات المسؤولين المتعلقة بحجم الحوالات الخارجية والصادرات وإيرادات الجوازات غير صحيحة، وتأتي في سياق سياسة "تجميل" الواقع التي تنتهجها حكومة وائل الحلقي منذ توليها مهامها.

-أو أن البيانات المتعلقة بالحوالات والصادرات وغيرها صحيحة،وهذا يعني أن بيانات وزير المالية غير دقيقة، وقيلت فقط لتبرير الانخفاض المتسارع لسعر صرف الليرة، وعجز الحكومة عن مواجهة ذلك، إلا إذا كانت تلك البيانات مجتزأة، بمعنى أنها لاتشمل جميع الإيرادات لسبب من الأسباب.

وهكذا تكون الحكومة في كلا الخيارين قد قامت بترويج معلومات وبيانات اقتصادية غير صحيحة، والكارثة أن تكون هذه البيانات تستخدم فعلاً من قبل جهات رسمية عدة لاتخاذ قرارات اقتصادية على المستوى الوطني..
سيرياستيبس - زياد عصن

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=9&id=8282