فريـش

زياد الرحباني... انشالله مابو شي

الاخبار


مساء غدٍ الخميس، تنطلق من بيروت، سلسلة حفلات الفنان زياد الرحباني «وليس غداً». كان يُفترض أن تكون هذه الثانية، بعد تلك التي كانت مقررة في إهدن (شمال لبنان) ضمن مهرجان «إهدنيات» (2 آب/ أغسطس) وألغِيَت لأسباب سنتطرق إليها في السياق. هناك ثلاثة محاور لاستهلال الكلام عن هذا الحدث: الموسيقى والبرنامج والفرقة من جهة، والإصابة التي تعرّض لها زياد في يده اليمنى، من جهة ثانية، وأخيراً عنوان سلسلة الحفلات هذه، أي «وليس غداً». نزولاً عند رغبة الأكثرية اللبنانية سنبدأ بالوضع الصحي، باعتباره، أولاً مهمّاً بالمعنى الإنساني لدى مَن بقي مِن «الأوادم» في هذا البلد، وثانياً مثيراً جداً بالنسبة إلى فئة الشعب العنيد (الأغلبية في هذه الفئة تعمل في الصحافة الفنية أو بقسم التحليل والتمحيص في مؤسسة فايسبوك للأخبار السريعة المَوْثوقة). خلال التحضيرات المكثّفة التي سبقت الحفلة التي كانت مقرَّرة في إهدن، تعرَّض الرحباني لإصابة في العصب الكعبري الذي يُغَذي كفّ اليد والأصابع بأوامر الحركة الآتية من الدماغ. الأسباب العلمية لهذه الإصابة كثيرة، تجتمع كلها في حياة زياد: العزف على البيانو، الأعمال المنزلية المنهِكة، النوم المتكرِّر في وضعيات غير صحية (قعوداً مثلاً)... بعد استشارة طبيب مختصّ، تقرَّر إلغاء أقرب حفلة على أمل التحسّن السريع مع اتباع علاج قوي. اتفق زياد ومنظمو «إهدنيات» على بيان رسمي مشترك يفنّد بوضوح أسباب إلغاء الموعد بعدما تعذّر التأجيل لأسباب لوجستية. صدر البيان، فاشتعلت مواقع التواصل واشتغلت الأدمغة وسال الحبر الأصفر. صدر بيان توضيحي من «إهدنيات»، لكن مفعوله لم يقضِ على التشكيك. لم يسمع الرجل عبارة «سلامتك» حتى (طبعاً لا أحد مُطالب بالقلق على نفسية عازف بيانو شُلَّت يده، اليمنى تحديداً. لسنا في فيينا). ما العمل؟ احتار زياد. هل يَنشُر التقارير الطبية؟ هل يصدر توضيحاً بالصوت والصورة؟ عبث. بالمناسبة، سأل أحد عباقرة الـ«نت»: «لماذا لا أحد يمرض من الفنانين غير زياد»، مهدّداً (نفسه!) بعدم حضور أي حفلة له في المستقبل! طبعاً، في بلدٍ يفوق فيه عدد الخادمات والـ«لابتوبات» عدد الفنانين والأمهات والأولاد مجتمعين، من حق المرء أن يعود إلى القاموس لمعرفة معنى كلمة «تعب» المسحوبة من التداول منذ زمن. على أي حال، حتى كتابة هذه السطور، الحفلة قائمة، يد زياد تتحسن، لكنها لم تتعافَ كلياً، والأيام المقبلة ستحدّد مصير المواعيد الكثيرة المقبلة (لنا عودة قريبة لها). ننتقل إلى الشق الفني، وهنا سنكثف المعلومات بعدما خسرنا ثلثي مساحة المقالة لتوضيح أمر بديهي: من يكذب، فلا يجوز أن يميل إلى اتهام الجميع بالكذب! حفلة الغد ستكون من أهم حفلات الرحباني هذه السنة. الموسيقيون من جنسيات مختلفة، وعددهم يُعتبر ضخماً كفرقة ومتوسطاً كأوركسترا. أي إنّها استعادة ميمونة لتجربة حفلة «أعياد بيروت» السنة الماضية. البرنامج مذهل ويتضمّن ما لا يتوقعه أي متابع لحفلات زياد، وستسير الأمسية بشكل تصاعدي لتبلغ ذروتها في الختام... وما بعده، إن أردتم: إذاً، طالبوا بالمزيد وبإصرار! ضيوف الأمسية هم المغنية الشعبية المصرية شيرين عبده، وما طالبت بأدائه من الريبرتوار خلال الاتفاق مع زياد فاجأه وسيفاجئ الجمهور بالتأكيد. الفنانة القريبة من نبض الشارع قلباً ونبرةً صوتية، ستكون إطلالتها خاصة، تماماً كمواطنها عازف العود والفنان الملتزم حازم شاهين الذي سبق أن شارك في حفلة الرحباني ضمن «مهرجان الجاز» في القاهرة السنة الماضية (أدى «شو هالإيام» و«أنا مش كافر» بأسلوب ممتاز أعطى الرائعتَيْن حقهما وبُعدهما المصري الجميل). هذه السنة اختار زياد الرحباني «وليس غداً» عنواناً لجولة حفلاته الصيفية، وهو مأخوذٌ من أغنية «سيفٌ فليُشهر» لفيروز. بالمناسبة، يعود هذا الاختيار إلى ما قبل العدوان الإسرائيلي على غزة بأكثر من شهر، ما يعني طبعاً أن فلسطين في البال دوماً وليس كلّما ردَمَها الاحتلال فوق رؤوس أطفالها. أما السنة الماضية، فقد استُهِلَّت الحفلة في بيروت بموسيقى «وقائع العام المقبل» واختُتِمَت بـ«بيّي راح مع هالعسكر» (مسرحية «جبال الصوان»/1966). العام المقبل يعني اليوم، وهذه وقائعه! أما أغنية فيروز /الأخوين رحباني فتقول: «ولمّا طلعنا سْوِيِّة/ عالضيعة الجرْديّ/ قلتلَّك هالسَّفرَة حلوة/ بس بعيدة عليّي/ قلتلّي في سَفرَة أكبر/ بدنا نِتعَب فيها أكتر».

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=11&id=1180