بزنس

سورية ستتجه نحو اقتصاد المايكرو

وكالة اوقات الشام


لا يجمع كل الناس على اختلافاتهم السياسية والدينية والثقافية في هذا الزمن، سوى المعيشة، ومع تشظي فايروس كورونا على كوكبنا، دخل الاقتصاد العالمي حالة ركود هي الأقوى في تاريخ ولد آدم، لقد قال فولتيير عندما يكون الحديث عن المال فإن كل الناس على دين واحد. ليس المراد تأليه العملة، وكأنها ستنقل مواطننا البائس إلى العالم الآخر حيث النعيم، كما كانت تفعل حضارات قديمة لموتاها بوضع عملتين نقديتين على العينين، لكن هموم مواطنينا حتى في أدق تفاصيل حياتهم باتت تجمع الكل، ألم تختف أصوات من نادوا بشعارات متطرفة بالأمس، وحلت مكانها أصوات الباعة الجوالين الباحثين عن رزقهم ؟ لم تعد الناس تثق بإله سوقه متطرفون وسياسيون مرتبطون بأجندات خلال سني الحرب ، فرغيف خبز في بطون أولادهم تحت سقف يقيهم، خير من جنات “الجهادية السياسية” ومافيها من بائعات هوى وأنهار خمر. يعيش السوريون اليوم ضائقة معيشية خانقة، جعلت كثيراً من الأولويات ضرباً من الترف، ارتفاع الأسعار في كل شيء، مشكلة مركبة، سببها الحرب وتخريب البنى التحتية من مصانع ومشافي، عقوبات اقتصادية وحصار، بروز محدثي نعمة وتجار حرب وفاسدين، والآن وباء كورونا بتأثيره الاقتصادي العالمي. لقد اعتادت سورية على رسم خططها بناءً على الاقتصاد الكلي، الذي يركز على الاقتصاد ككتلة واحدة في الناتج القومي وما في الخزينة وأرباح القطاع العام وخسائره ..الخ، حاولت سورية الانتقال لاقتصاد السوق الاجتماعي في العام 2010، لكنه أيضاً لم يكن مناسباً للخصوصية السورية التي اعتمدت لعقود على القطاع العام، ثم أتت الحرب بتبعاتها. في آخر لقاء للرئيس السوري مع الفريق الحكومي، حول الإجراءات الوقائية ضد كورونا، وما يجب فعله اقتصادياً، أشار الرئيس الأسد إلى مصطلح اقتصاد المايكرو، فهل كانت تلك رسالة إلى أن الاقتصاد السوري سيتحول من الاقتصاد الكلي إلى الاقتصاد الجزئي في الفترة المقبلة؟. اقتصاد المايكرو، أو الاقتصاد الجزئي يعتمد على دراسة شريحة السوق المحددة في الاقتصاد، ويركز على الوحدات الاقتصادية الفردية، ويهتم بالناتج للفرد والأسرة ، و الشركة ، الصناعة ، والأجور ، والأسعار. إذاً هو تغير في نوعية الاقتصاد المزمع اعتماده في سورية، في حال صحت قراءتنا لاجتماع الرئيس بالفريق الحكومي، سيكون التركيز بحسب تعريف هذا النوع من الاقتصاد على الفرد ودخله والقدرة الشرائية للأسرة السورية كنواة يتم الانطلاق منها لاحقاً لاقتصاد أعم. لا يمكن لاقتصاد المايكرو أن يبدأ بشكل صحي إلا بالعودة للقطاع العام، لكن قطاع يمتلك عقلية جديدة تجارية لا وظيفية، تقدم منتج جيد ولائق وبصورة تسويقية احترافية، لضمان عدم تعرض الناس للابتزاز عبر الاحتكار ستكون الخصخصة في نطاق ضيق مبدئياً، رفع قدرة الفرد الشرائية، بعد ذلك يمكن توسيع دائرة الخصخصة من أجل خلق تنافسية في السوق لجهة الجودة والنوع والسعر، لكن الأهم هو أن توفير الكثير من الهدر الذي يصل إلى مئات المليارات سنوياً هدف بات معلناً من الآن. بدايةً وقف الاحتكار في كل السلع، سيكون بداية موفقة، عدم وجود حيتان يتحكمون بأسعار السلع ويفرضونها على تجار الجملة والمفرق والمواطن، هذا سينعش المواطن، عندها لن تكون هناك حاجة لزياة في الأجور، في حال كان الدخل الشهري يكفي المواطن لكل ما يلزمه لحياة كريمة. قانون يضبط أجارات العقارات، لا سيما بعد فقدان ملايين السوريين لمنازلهم ومعاملهم ومحالهم التجارية، إذ تسود حالة جشع لدى المكاتب العقارية و بعض أصحاب العقارات، والأمر بحاجة لتنظيم ورقابة مشددة من الدولة، مع وضع خطة لتأمين سكن بالتقسيط وبضمانة الراتب، لكل موظفي القطاع العام والخاص مبدئياً كتجربة أولى، إضافةً لمساكن ذوي الشهداء والجرحى، هذا سيخفف من الضغط على سوق العقارات و أسعارها بيعاً وشراءً وآجارات، ثم تعميم التجربة لكل من يملك دخلاً شهرياً من المواطنين بضمانة ما تُحدد بحسب رؤية الدولة. في حال انتقال سورية إلى اقتصاد المايكرو، فإن ذلك شيء مبشر، ويعني أن قدرة الفرد الشرائية وإعادة إحياء الطبقة الوسطى ستكون هدفاً، يقول المثل الإيطالي ” الكفاءة يد الثروة اليمنى، والاقتصاد يدها اليسرى”. . السوريون ينتظرون هذا المثل يتحقق بعد سنوات الحرب العجاف.

Copyrights © Znobia.com

المصدر:   http://www.znobia.com/?page=show_det&category_id=9&id=25391